الصورة الثامنة

تعال، لأتلو عليك هذه الأوامر الصادرة من السلطان. انظر، إنه يكرر وعده ووعيده قائلا: لآتينّ بكم إلى مقر سلطنتي، ولأسعدنّ المطيعين منكم، ولأزجنّ العصاة في السجن، ولأدمرنّ ذلك المكان الموقت، ولأنشأنّ مملكة أخرى فيها قصور خالدة وسجون دائمة.. علما أن ما قطعه على نفسه من وعد، هيّن عليه تنفيذه، وهو بالغ الأهمية لرعاياه. أما إخلاف الوعد فهو منافٍ كليا لعزته وقدرته.

فانظر أيها الغافل: إنك تصدّق أكاذيب أوهامك، وهذيان عقلك، وخداع نفسِك، ولا تصدّق مَن لا يحتاج إلى مخالفة الوعد قطعا، ومَن لا تليق المخالفة بغيرته وعزته أصلا، ومَن تشهد الأمور كافة على صدقه.. إنك تستحق العقاب العظيم بلا شك، إذ إن مَثلكَ في هذا مثلُ المسافر الذي يغمض عينيه عن ضوء الشمس، ويسترشد بخياله، ويريد أن ينير طريقه المخيف ببصيص عقله الذي لا يضيئ إلّا كضياء اليراعة (ذباب الليل).

وحيث إنه قد وعد، فسيفي بوعده حتما، لأن وفاءه سهل عليه وهيّن، وهو من مقتضيات سلطنته، وهو ضروري جدا، لنا ولكل شيء. إذن هناك محكمة كبرى وسعادة عظمى.

الصورة التاسعة

تعال، لننظر إلى رؤساء (5) من هذه الدوائر، قسم منهم يمكنهم الاتصال بالسلطان العظيم مباشرة، بهاتف خاص. بل لقد ارتقى قسم آخر وسما إلى ديوان قدسه.. تأمل ماذا يقول هؤلاء؟ إنهم يخبروننا جميعا أن السلطان قد أعدّ مكانا فخما رائعا لمكافأة المحسنين وآخر رهيبا لمعاقبة المسيئين. وأنه يَعِد وعدا قويا ويُوعِد وعيدا شديدا، وهو أجلّ وأعزّ من أن يذلّ إلى خلاف ما وعدَ وتوعّد. علما بأن أخبار المخبرين قد وصلت من الكثرة إلى حد التواتر ومن القوة إلى درجة الاتفاق والإجماع فهم يبلغوننا جميعا: بأن مقر هذه السلطنة العظيمة التي نرى آثارَها وملامحها هنا، إنما هو في مملكة أخرى بعيدة. وأن العمارات في ميدان الامتحان هذا بنايات وقتية، وستُبدّل إلى قصور دائمة، فتبدل هذه الأرض بغيرها. لأن هذه السلطنة الجليلة


Yükleniyor...