أجل، إن القرآن لا يبحث في الشمس لذات الشمس بل لمن نوَّرها وجعلها سراجا، ولا يبحث في ماهيتها التي لا يحتاجها الإنسان، بل في وظيفتها، إذ هي تؤدي وظيفةَ نابضٍ «زنبرك» لانتظام الصنعة الربانية، ومركزٍ لنظام الخلقة الربانية، ومكّوكٍ لانسجام الصنعة الربانية، في الأشياء التي ينسجها المصوّر الأزلي بخيوط الليل والنهار.
ويمكنك أن تقيس على هذا سائرَ الكلمات القرآنية فهي وإن كانت تبدو كأنها كلمات مألوفة بسيطة، إلّا أنها تؤدي مهمة مفاتيح لكنوز المعاني اللطيفة.
وهكذا فلعلوّ أسلوب القرآن -كما في الوجوه السابقة في الأغلب- كان الأعرابي يعشقُ كلاما واحدا منه أحيانا، فيسجد قبلَ أن يؤمن، كما سمع أحدهم الآية الكريمة: ﹛﴿ فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ ﴾|﹜ (الحجر:٩٤) فخرَّ ساجدا، فلما سُئل: «أأسلمت؟» قال: «لا، بل أسجد لبلاغة هذا الكلام!»
النقطة الرابعة
الفصاحة الخارقة في لفظه: نعم، إن القرآن كما هو بليغ خارق من حيث أسلوبه وبيان معنـــاه، فهو فصيح في غاية الســـلاســـة في لفظه. والدليل القاطع على فصاحته هــو عدم إيراثه السأم والمَلَل. كما أن شهادة علماء فن البيان والمعاني برهان باهر على حكمة فصاحته.
نعم، لو كُرّر ألوفَ المرات فلا يورث سأما ولا مللا. بل يزيدُ لذةً وحلاوةً.. ثم إنه لا يثقل على ذهن صبي بسيط فيستطيع حفظه.. ولا تسأم منه أُذنُ المصاب بداء عضال الذي يتأذى من أدنى كلام، بل يتلذذ به.. وكأنه الشراب العذب في فم المحتضر الذي يتقلّب في السَكرات، وهو لذيذ في أذنه ودماغه لذة ماء زمزم في فمه.
والحكمةُ في عدم الملل والسأم من القرآن هو أنّ القرآن قوت وغذاء للقلوب، وقوّة وغَناء للعقول، وماء وضياء للأرواح، ودواء وشفاء للنفوس، لذا لا يُمَلّ. مثالُه الخبز الذي نأكله يوميا دون أن نملّ، بينما لو تناولنا أطيب فاكهة يوميا لشعرنا بالملل. فإذن لأن القرآن حق وحقيقة وصدق وهدى وذو فصاحة خارقة فلا يورث الملل والسآمة، وإنما يحافظ على شبابيته دائما كما يحافظ على طراوته وحلاوته، حتى إن أحد رؤساء قريش وبلغائها عندما ذهب إلى الرسول الكريم ليسمع القرآن، قال بعد سماعه له: «والله إن له لحلاوة وإن عليه لطلاوة.. وما
ويمكنك أن تقيس على هذا سائرَ الكلمات القرآنية فهي وإن كانت تبدو كأنها كلمات مألوفة بسيطة، إلّا أنها تؤدي مهمة مفاتيح لكنوز المعاني اللطيفة.
وهكذا فلعلوّ أسلوب القرآن -كما في الوجوه السابقة في الأغلب- كان الأعرابي يعشقُ كلاما واحدا منه أحيانا، فيسجد قبلَ أن يؤمن، كما سمع أحدهم الآية الكريمة: ﹛﴿ فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ ﴾|﹜ (الحجر:٩٤) فخرَّ ساجدا، فلما سُئل: «أأسلمت؟» قال: «لا، بل أسجد لبلاغة هذا الكلام!»
النقطة الرابعة
الفصاحة الخارقة في لفظه: نعم، إن القرآن كما هو بليغ خارق من حيث أسلوبه وبيان معنـــاه، فهو فصيح في غاية الســـلاســـة في لفظه. والدليل القاطع على فصاحته هــو عدم إيراثه السأم والمَلَل. كما أن شهادة علماء فن البيان والمعاني برهان باهر على حكمة فصاحته.
نعم، لو كُرّر ألوفَ المرات فلا يورث سأما ولا مللا. بل يزيدُ لذةً وحلاوةً.. ثم إنه لا يثقل على ذهن صبي بسيط فيستطيع حفظه.. ولا تسأم منه أُذنُ المصاب بداء عضال الذي يتأذى من أدنى كلام، بل يتلذذ به.. وكأنه الشراب العذب في فم المحتضر الذي يتقلّب في السَكرات، وهو لذيذ في أذنه ودماغه لذة ماء زمزم في فمه.
والحكمةُ في عدم الملل والسأم من القرآن هو أنّ القرآن قوت وغذاء للقلوب، وقوّة وغَناء للعقول، وماء وضياء للأرواح، ودواء وشفاء للنفوس، لذا لا يُمَلّ. مثالُه الخبز الذي نأكله يوميا دون أن نملّ، بينما لو تناولنا أطيب فاكهة يوميا لشعرنا بالملل. فإذن لأن القرآن حق وحقيقة وصدق وهدى وذو فصاحة خارقة فلا يورث الملل والسآمة، وإنما يحافظ على شبابيته دائما كما يحافظ على طراوته وحلاوته، حتى إن أحد رؤساء قريش وبلغائها عندما ذهب إلى الرسول الكريم ليسمع القرآن، قال بعد سماعه له: «والله إن له لحلاوة وإن عليه لطلاوة.. وما
Yükleniyor...