ومثلا: ﹛﴿ وَق۪يلَ يَٓا اَرْضُ ابْلَع۪ي مَٓاءَكِ وَيَا سَمَٓاءُ اَقْلِع۪ي وَغ۪يضَ الْمَٓاءُ وَقُضِيَ الْاَمْرُ وَاسْتَوَتْ عَلَى الْجُودِيِّ وَق۪يلَ بُعْدًا لِلْقَوْمِ الظَّالِم۪ينَ ﴾|﹜ (هود:٤٤)
للإشارة إلى قطرة من بحر بلاغة هذه الآية الكريمة نبين أسلوبا منها في مرآة التمثيل، وذلك: أن قائدا عظيما في حرب عالمية شاملة يأمر جيشَه بعد إحراز النصر: «أوقفوا إطلاق النار»، ويأمر جيشَه الآخر: «كُفُّوا عن الهجوم». ففي اللحظة نفسها ينقطع إطلاقُ النار ويقف الهجوم، ويتوجّه إليهم قائلا: «لقد انتهى كل شيء واستولينا على الأعداء وقد نُصبتْ راياتُنا على قمة قلاعهم ونال أولئك الظالمون الفاسدون جزاءهم وولوا إلى أسفل سافلين».
كذلك، فإن السلطان الذي لا ندّ له ولا مثيل، قد أمر السماوات والأرض بإهلاك قوم نوح. وبعد أن امتثلا الأمرَ توجّه إليهما: «أيتها الأرضُ ابلعي ماءَك، وأنتِ أيتها السماءُ اسكني واهدأي فقد انتهت مهمتُكما. فانسحب الماء فورا من دون تريّث واستوت سفينةُ المأمور الإلهي كخيمة ضربت على قمة جبل. ولقيَ الظالمون جزاءهم».
فانظرْ إلى علو هذا الأسلوب، إذ الأرضُ والسماء كجنديين مطيعين مستعدين للطاعة وتلقي الأوامر. فتشير الآيةُ بهذا الأسلوب إلى أن الكائنات تغضبُ من عصيان الإنسان وتغتاظ منه السماواتُ والأرض. وبهذه الإشارة تقول: «إن الذي تمتثل السماوات والأرض بأمره لا يُعصى ولا ينبغي أن يُعصى» مما يفيد زجرا شديدا رادعا للإنسان. فأنت ترى أن الآية قد جمعت ببيان موجز معجز جميل مجملٍ في بضع جمل حادثةَ الطوفان التي هي عامة وشاملة مع جميع نتائجها وحقائقها. فقس قطرات هذا البحر الأخرى على هذه القطرة.
والآن انظر إلى الأسلوب الذي يريه القرآن من نوافذ الكلمات: فمثلا إلى كلمة ﹛﴿ كَالْعُرْجُونِ الْقَد۪يمِ ﴾|﹜ في الآية الكريمة: ﹛﴿ وَالْقَمَرَ قَدَّرْنَاهُ مَنَازِلَ حَتّٰى عَادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَد۪يمِ ﴾|﹜ (يس:٣٩) كيف تعرض أسلوبا في غاية اللطف.
وذلك: أنّ للقمر منـزلا هو دائرة الثريا. حينما يكون القمرُ هلالا فيه يشبه عرجونا قديما أبيض اللون. فتضع الآيةُ بهذا التشبيه أمام عين خيال السامع، كأن وراء ستار الخضراء (4)
للإشارة إلى قطرة من بحر بلاغة هذه الآية الكريمة نبين أسلوبا منها في مرآة التمثيل، وذلك: أن قائدا عظيما في حرب عالمية شاملة يأمر جيشَه بعد إحراز النصر: «أوقفوا إطلاق النار»، ويأمر جيشَه الآخر: «كُفُّوا عن الهجوم». ففي اللحظة نفسها ينقطع إطلاقُ النار ويقف الهجوم، ويتوجّه إليهم قائلا: «لقد انتهى كل شيء واستولينا على الأعداء وقد نُصبتْ راياتُنا على قمة قلاعهم ونال أولئك الظالمون الفاسدون جزاءهم وولوا إلى أسفل سافلين».
كذلك، فإن السلطان الذي لا ندّ له ولا مثيل، قد أمر السماوات والأرض بإهلاك قوم نوح. وبعد أن امتثلا الأمرَ توجّه إليهما: «أيتها الأرضُ ابلعي ماءَك، وأنتِ أيتها السماءُ اسكني واهدأي فقد انتهت مهمتُكما. فانسحب الماء فورا من دون تريّث واستوت سفينةُ المأمور الإلهي كخيمة ضربت على قمة جبل. ولقيَ الظالمون جزاءهم».
فانظرْ إلى علو هذا الأسلوب، إذ الأرضُ والسماء كجنديين مطيعين مستعدين للطاعة وتلقي الأوامر. فتشير الآيةُ بهذا الأسلوب إلى أن الكائنات تغضبُ من عصيان الإنسان وتغتاظ منه السماواتُ والأرض. وبهذه الإشارة تقول: «إن الذي تمتثل السماوات والأرض بأمره لا يُعصى ولا ينبغي أن يُعصى» مما يفيد زجرا شديدا رادعا للإنسان. فأنت ترى أن الآية قد جمعت ببيان موجز معجز جميل مجملٍ في بضع جمل حادثةَ الطوفان التي هي عامة وشاملة مع جميع نتائجها وحقائقها. فقس قطرات هذا البحر الأخرى على هذه القطرة.
والآن انظر إلى الأسلوب الذي يريه القرآن من نوافذ الكلمات: فمثلا إلى كلمة ﹛﴿ كَالْعُرْجُونِ الْقَد۪يمِ ﴾|﹜ في الآية الكريمة: ﹛﴿ وَالْقَمَرَ قَدَّرْنَاهُ مَنَازِلَ حَتّٰى عَادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَد۪يمِ ﴾|﹜ (يس:٣٩) كيف تعرض أسلوبا في غاية اللطف.
وذلك: أنّ للقمر منـزلا هو دائرة الثريا. حينما يكون القمرُ هلالا فيه يشبه عرجونا قديما أبيض اللون. فتضع الآيةُ بهذا التشبيه أمام عين خيال السامع، كأن وراء ستار الخضراء (4)
Yükleniyor...