الأشخاص أو تقوم بها جماعاتُهم، تصوّروها ناشئةً من شخصيتهم الذاتية الفردية، مما أدى إلى أن يُفهم أن هؤلاء الأشخاص سيظهرون ظهورا خارقا للعادة، فيعرفهم جميعُ الناس، والحال -كما قلنا- أن الدنيا ميدان اختبار وامتحان، وأن الله تعالى عندما يختبر الإنسان لا يسلب منه الاختيارَ بل يفتح الباب أمام عقله؛ لذا فهؤلاء الأشخاص -أي الدجال والمهدي- لا يُعرفون من قِبَل كثير من الناس عند ظهورهم، بل لا يَعرف ذلك الدجال الرهيب نفسَه أنّه دجال بادئ الأمر، وإنما يعرفهم مَن ينظر إليهم بنور الإيمان النافذ إلى الأعماق.

والدجال الذي هو من علامات الساعة قال عنه الرسول ﷺ أن يوما من أيامه كسنة ويوما كشهر ويوما كجمعة وسائر أيامه كأيامكم. (9) وأن الدنيا تسمع صوتَه، ويسيح في الأرض في أربعين يوما.

فالذين لم ينصفوا قالوا: هذه الرواية ضرب من المحالات، وأنكروها. حاشَ لله، بل إن حقيقتَها -والعلم عند الله- هي الآتي: إن في الحديث الشريف إشارةً إلى ظهورِ شخص من جهة الشمال، الذي هو أكثفُ منطقة لعالم الكفر، يقود تيارا عظيما يتمخض عن المادية الجاحدة، ويدعو إلى الإلحاد وإنكار الخالق. فمعنى الحديث فيه إشارة إلى ظهور هذا الشخص من شمال العالم.

وتتضمن هذه الإشارة رمزا حكيما وهو: أنّ الدائرة القريبة للقطب الشمالي تكون السنةُ فيها يوما وليلة، حيث إن ستة أشهر منها ليل والستةُ الأخرى نهار. أي يومُ الدجال هذا سنة واحدة كما ورد «يوم كسنة». فهذه إشارة إلى ظهوره قريبا من تلك الدائرة. أما المراد بـ«يوم كشهر» فهو أنه كلما تقدمنا من الشمال نحو مناطقنا يكون النهارُ أحيانا شهرا كاملا، حيث لا تغرب الشمسُ شهرا في الصيف. وهذه إشارة أيضا إلى تجاوز الدجال إلى عالم الحضارة بعد ظهوره في الشمال. وهذه الإشارة آتية من إسناد اليوم إلى الدجال.. وهكذا كلما اقتربنا نـزولا من الشمال إلى الجنوب نرى الشمسَ لا تغرب أسبوعا، إلى أن يكون الفرق في الشروق والغروب ثلاث ساعات، أي كأيامنا الاعتيادية. وقد كنتُ في مكان كهذا عندما كنتُ أسيرا


Yükleniyor...