نَمِى خَوانَمْ «زَوَالْدَه» دَفْن شُدَنْ مَعْـبُودْ

معبود، يدفن في الزوال! لا أدعوه، ولا أسأله، ولا ألتجئ إليه، إذ من كان عاجزا لا يستطيع حتما من أن يجد دواءً لأدوائي الجسيمة ولا يقدر على ضماد جراحاتي الأبدية، فكيف يكون معبودا من لا يقدر على إنقاذ نفسه من قبضة الزوال؟

عَقْل فَرْيَادْ مِى دَارَدْ، نِدَاءِ    ﹛﴿ لَٓا اُحِبُّ الْاٰفِل۪ينَ ﴾|﹜    مِى زَنَدْ رُوحْ

أمام هذه الكائنات المضطربة المنسابة إلى الزوال، يصرخ «العقل» المفتون بالمظاهر يائسا من الأعماق، كلَّما رأى زوال معشوقاته.. وتئن «الروح» الساعية إلى محبوب خالد أنين 
﹛﴿ لَٓا اُحِبُّ الْاٰفِل۪ينَ ﴾|﹜.

نَمِى خٰواهَمْ نَمِى خٰوانَمْ نَمِى تَابَمْ فِرٰاقِى

لا.. لا أريد الفراق.. لا.. لا أطيق الفراق.

نَمِى أَرْزَدْ «مَرَاقَه» اِيْن زَوَالْ دَرْ پَسْ تَلاٰقِى

وصال يعقبه الزوال مؤلم، هذه اللقاءات المكدرة بالزوال غير جديرة باللهفة، بل لا تستحق شوقا وصال يعقبه فراق؛ لأنّ زوال اللذة مثلما هو ألم فان تصور زوال اللذة كذلك ألم مِثْلُه، فدواوين جميع شعراء الغزل والنسيب -وهم عشاق مجازيون- وجميع قصائدهم إنّما هي صراخات تنطلق من آلام تنجم من تصور الزوال هذا، حتى إذا ما استعصرتَ روح ديوان أيٍ منهم فلا تَراها إلّا وتقطر صراخا أليما ناشئا من تصور الزوال.

اَزْ آنْ دَرْدِى كِرِينِ    ﹛﴿ لَٓا اُحِبُّ الْاٰفِل۪ينَ ﴾|﹜    مِى زَنَدْ قَلْبَمْ

فتلك اللقاءَات المشوبة بالزوال، وتلك المحبوبات المجازية المورثة للألم، تعصر قلبي حتى يجهش بالبكاء قائلا: ﹛﴿ لَٓا اُحِبُّ الْاٰفِل۪ينَ ﴾|﹜ على غِرار سيدنا إبراهيم عليه السلام.

فإن كنتَ طالبا للبقاء حقا، وأنت ما زلتَ في الدنيا الفانية فاعلمْ:

دَرْ اِيْن فَانِى بَقَا خَازِى بَقَا خِيزَدْ فَنَادَنْ

إنّ البقاءَ ينبثق من الفناء، فجُدْ بفناء النفس الأمارة لتحظى بالبقاء!


Yükleniyor...