بِاسمِهِ سُبحَانَهُ

لقد كانت ترجمة «كليات رسائل النور» إلى اللغة العربية ونشرها غاية المنى لمؤلّفها الأستاذ بديع الزمان سعيد النورسي، وقد حث عليها في رسائل عديدة. حتى إنه كان يأمل قيام علماء من الأزهر أو من بلاد الشام على ترجمة «مجموعة عصا موسى». وقبل ارتحاله إلى دار البقاء أرسل أحد طلبته إلى العراق ومصر بغية الاتصال بالعلماء هناك على أمل الشروع بترجمة الرسائل. وفعلا تمت ترجمة ونشر عدد قليل من رسائل صغيرة في الشام.

ولما درّس الأستاذ من كان حوله من الطلاب «المثنوي العربي النوري» وتفسير «إشارات الإعجاز» وهما مؤلَّفان باللغة العربية، أمر بطبعهما (بالرونيو) ونشرهما، كما بعث «المثنوي العربي النوري» إلى علماءَ في العالم ولا سيما إلى علماء في العالم الإسلامي. وقد نشرت وقتئذٍ بعض الرسائل من قبل عدد من الفضلاء.

أما الآن فقد ظهرت ولله الحمد، الترجمة الأمينة الكاملة لكليات رسائل النور بفضل الله وكرمه وشمول عنايته، بجهود ذوي علم فاضلين متعاونين مخلصين صادقين وهمتهم كشخص معنوي جاد وهيئة علمية دؤوبة، إذ قام الأخ إحسان قاسم الصالحي وإخوة صادقون معه في خدمة نور القرآن والإيمان بترجمتها ونشرها.

ومن التوافق العجيب والتشابه الغريب أن تظهر هذه المترجمات في ظروف عصيبة وأوقات صعبة تمر على العراق شبيهة تماما بالسنين الحالكة الأولى لتأليف رسائل النور. ولم تظهر هذه المترجمات إلا بفضل إمداد معنوي وحماية شاملة ورعاية تامة ألقتها رحمةُ الرحمن الرحيم على أولئك الإخوة الصادقين، فوجّهت أنظارهم إلى حقائق رسائل النور وعزفَتهم عن الأحداث السياسية المتقلبة. وهكذا تجلت العناية الربانية، فبذلوا ما وسعهم لنشر أنوار القرآن والإيمان، وأصبحت الأدعية المرفوعة من أنحاء العالم الإسلامي والتهاني القلبية بظهور المترجمات مددا لهم يشد من عزائمهم على مواصلة العمل. فلله الحمد والمنة أن تمت ترجمة كليات رسائل النور على هذه الصورة الكاملة وعرضت أمام أنظار العالم الإسلامي على هيئة مجموعات.


Yükleniyor...