ثم إن ذلك الأدب المشوب بالسفه، لا يغني شيئا عن اضطرابات الروح وقلقها الناشئة من الضلالة والواردة منه أيضا، ولربما يهدئها وينيّمها.

وفي حسبانه أنه قد وجد حلا، وكأن العلاج الوحيد، وهو رواياته. وهي:

في كتاب.. ذلك الحي الميت.

وفي سينما.. وهي أموات متحركة.

وفي مسرح.. الذي تبعث فيه الأشباح وتخرج سراعا من تلك المقبرة الواسعة المسماة بالماضي!

هذه هي أنواع رواياته.

وأنّى للميت أن يهب الحياة!..

وبلا خجل ولا حياء!.. وضع الأدب الأجنبي لسانا كاذبا في فم البشر.. وركّب عينا فاسقة في وجه الإنسان.. وألبس الدنيا فستانَ راقصةٍ ساقطة.

فمن أين سيعرف هذا الأدب؛ الحسنَ المجرد؟!

حتى لو أراد أن يُري القارئَ الشمسَ؛ فإنه يذكّره بممثلة شقراء حسناء.

وهو في الظاهر يقول: «السفاهة عاقبتها وخيمة، لا تليق بالإنسان».. ثم يبين نتائجها المضرة.. إلّا أنه يصورها تصويرا مثيرا إلى حد يسيل منه اللعاب، ويفلت منه زمام العقل، إذ يضرم في الشهوات، ويهيج النـزوات. حتى لا يعود الشعور ينقاد لشيء.

أما أدب القرآن الكريم:

فإنه لا يحرك ساكن الهوى، ولا يثيره، بل يمنح الإنسان الشعور بنشدان الحق وحبه، والافتتان بالحسن المجرد، وتذوّق عشق الجمال، والشوق إلى محبة الحقيقة.. ولا يخدع أبدا.

فهو لا ينظر إلى الكائنات من زاوية الطبيعة، بل يذكرها صنعة إلهية، صبغة رحمانية، دون أن يحير العقول.

فيلقّن نور معرفة الصانع.. ويبين آياته في كل شيء..

والأدَبان.. كلاهما يورثان حزنا مؤثرا. إلّا أنهما لا يتشابهان.

Yükleniyor...