وقد بيّن كتاب «إشارات الإعجاز» واحدا من أربعين نوعا من ذلك الإعجاز، ولم تفِ مائة صفحة من تفسير لبيان نوع واحد.

بل أنا الذي أريد منك التفصيل، فقد تفضّل المولى عليك بفيضٍ من إلهامات روحية.

لا تبلغ يد الأدب الغربي ذي الأهواء والنـزوات والدهاء..

شأن أدب القرآن الخالد ذي النور والهدى والشفاء.

إذ الحالة التي ترضي الأذواق الرفيعة للكاملين من الناس وتُطمئنهم، لا تسرّ أصحاب الأهواء الصبيانية وذوي الطبائع السفيهة، ولا تسلّيهم، فبناءً على هذه الحكمة؛

فإن ذوقا سفيها سافلا، تَرعرع في حمأة الشهوة والنفسانية، لا يَستلذ بالذوق الروحي، ولا يعرفه أصلا.

فالأدب الحاضر؛ المترشح من أدب أوروبا، عاجز عن رؤية ما في القرآن الكريم من لطائف عالية ومزايا سامية، من خلال نظرته الروائية، بل هو عاجز عن تذوقها، لذا لا يستطيع أن يجعل معياره محكّا له.

والأدب يجول في ثلاثة ميادين، دون أن يحيد عنها:

ميدان الحماسة والشهامة.. ميدان الحسن والعشق.. ميدان تصوير الحقيقة والواقع..

فالأدب الأجنبي:

في ميدان الحماسة؛ لا ينشد الحق، بل يلقّن شعور الافتتان بالقوة بتمجيده جَور الظالمين وطغيانهم.

وفي ميدان الحسن والعشق؛ لا يعرف العشقَ الحقيقي، بل يغرز ذوقا شهويا عارما في النفوس.

وفي ميدان تصوير الحقيقة والواقع؛ لا ينظر إلى الكائنات على أنها صنعة إلهية، ولا يراها صبغة رحمانية، بل يحصر همه في زاوية الطبيعة ويصور الحقيقة في ضوئها، ولا يقدر الفكاك منها.. لذا يكون تلقينه عشق الطبيعة، وتأليه المادة، حتى يمكّن حبها في قرارة القلب، فلا ينجو المرء منه بسهولة.


Yükleniyor...