إنّ الحياة كمال الوجود. ولجلالة مقامها أقول: لِمَ لا تكون كرتنا وعالمنا مسخرا مطيعا كالحيوان؟

فلله سبحانه كثير من أمثال هذه الحيوانات الطائرة منتشرة في الفضاء الواسع تنشر البهاء والجمال والعظمة والهيبة. إنه سبحانه يديرها ويسيّرها في بستان خلقه.

فالنغمات التي تبعثها تلك الكائنات والحركات التي تقوم بها هذه الطيور.. تلك الأقوال والأحوال تسبيحات وعبادات للقديم الذي لم يزل، وللحكيم الذي لا يزال.

إن كرتنا الأرضية كثيرة الشبه بالحيوان، إذ إنها تبرز آثار الحياة، فلو صغرت كبيضة صغيرة -بفرض محال- لتحولت إلى حيوان لطيف... ولو كبر حيوان مجهرى كروي وأصبح كالكرة الأرضية، لصار شبيها بها... فلو صغر عالمنا صغر الإنسان وانقلبت نجومه إلى ما يشبه الذرات، ربما يكون حيوانا ذا شعور. والعقل يجد مجالا في هذا الاحتمال.

فالعالَم إذن عابد مسبّح بأركانه، كل ركن مسخّر مطيع، للخالق القدير القديم.

فليس من الضروري أن يكون الكبير كَمًّا كبيرا نوعا، بل الساعة الصغيرة صغر الخردل أبدعُ صنعةً وأعظم جزالة من كبيرتها التي هي بكبر «آيا صوفيا»..

فخلق الذبابة أعجب من خلق الفيل.

لو كتب قرآن بقلم القدرة بالجواهر الفردة للأثير على جزءٍ فردٍ، فان دقة صفحاته تعادل في صنعة الإتقان القرآن الكريم المكتوب بمداد النجوم في صحيفة السماء. فهما سيّان في الجزالة والإبداع.

فالصنعة الباهرة بالجمال والكمال للمصور الأزلي مبثوثة هكذا في كل جهة، والاتحاد الكامل الأتم في كمالها يعلن التوحيد.

خذ هذا الكلام البيّن بعين الاعتبار.

∗ ∗ ∗



Yükleniyor...