أوَ ليست كلُّ هذه الظواهر شهادات صادقة ناطقة بمئات الآلاف من الألسنة على القدير ذي الجلال، الحكيم ذي الكمال، وعلى وحدانيته سبحانه؟!
والخلاصة: أنّ الأرض التي هي بمثابة قلب الكون، قد أصبحت مَشْهَرا لعجائب مصنوعات الله البديعة، ومحشرا لغرائب مخلوقاته الجميلة، وممرا لقافلة موجوداته الوفيرة، ومسجدا لعباده المتراصين صفوفا عليها، ومقرا لأداء عباداتهم.. هذه الأرض تُظهر من شعاع التوحيد ما يملأ الكون نورا وضياءً.
فيا أيها المعتدّ بعلم الجغرافيا! إذا كان رأس الأرض هذه يُعرِّف ربَّ العالمين بمائة ألف فَمٍ، وفي كل فَمٍ مائة ألف لسان، وأنت تعرض عن هذا التعريف، وتغمس رأسك في مستنقع الطبيعة، ففكّر إذن في مصير جريمتك. إلى أي عقاب يسوقك هذا الإعراضُ والإنكار؟. أحذر وانتبه وارفع رأسك من المستنقع الآسن وقل: آمنت بالله الذي بيده ملكوتُ كل شيء.
النافذة الثالثة والعشرون
إنّ الحياة هي أسطعُ معجزة من معجزات القدرة الربانية وأجملُها، وأقوى برهان من براهين الوحدانية وأبهرُها، وأجمعُ مرآة من مرايا تجليات الصمدانية وألمعُها.
نعم، إن الحياة وحدَها تبيّن الحي القيوم بأسمائه الحسنى وصفاته الجليلة وشؤونه الحكيمة.
فالحياة كالنور.. فكما أن نور الشمس يحصل من امتزاج الألوان السبعة لطَيف الشمس، كذلك «الحياة» تحصل من امتزاج صفات كثيرة امتزاجا دقيقا.. وهي -أي الحياة- كدواء ناتج من امتزاج موادَّ كثيرة متنوعة امتزاجا مقدّرا تقديرا محكما.
Yükleniyor...