والكمالات التي تلتمع مؤقتا على سيل الكائنات إنما هي لمعاتُ جمالِ أسماءِ مَن هو نور سرمدي.

«نعم، تفاني المرآةِ زوالُ الموجوداتِ مع التجلّي الدائم مع الفيـض الملازمِ، مِن أظهرِ الظواهر من أبهرِ البواهر على أنّ الجمال الظاهر، أنّ الكمال الزاهر، ليسا مُلْكَ المظاهر.. مِن أفصح تبيانٍ من أوضحِ برهانٍ، للجمال المجرَّدِ للإحسان المجَدَّدِ، للواجب الوجودِ للباقي الودود».

الحجة الخامسة: من المعلوم أنه إذا روى أشخاص مختلفون أتوا من طرقٍ متباينة وقوعَ حادثة معينة بالذات، فإن هذا يدل بالتواتر الذي يفيد اليقين على وقوع الحادثة قطعا.

فلقد اتفق جميعُ أهل الكشف والذوق والشهود والمشاهدة من جميع الطبقات المختلفة للمحققين، والطرق المختلفة للأولياء، والمسالك المختلفة للأصفياء، والمذاهب المختلفة للحكماء الحقيقيين.. اتفق هؤلاء المختلفون في المشرب والمسلك والاستعداد والعصر، بالكشف والذوق والشهود على أن ما يظهر على الكائنات ومرايا الموجودات من المحاسن والكمالات إنما هو تجليات كمال ذاتٍ جليلةٍ وتجلياتُ جمالِ أسمائه الحسنى جل جلاله.. أقول: إنّ اتفاق هؤلاء جميعا حجة قاطعة لا تتزعزع، وإجماعٌ عظيم لا يُجرَح.

أظن أن داعية الضلال مضطر إلى الفرار، ساداً أذنَيه، لئلا يسمع حقائق هذا الرمز.

نعم، إن الرؤوس المظلمة لا تتحمل -كالخفاش- رؤيةَ هذه الأنوار، ولهذا نحن بدورنا لا نعير لها أهمية تذكر.

الرمز الرابع

إنّ لذة الشيء وحسنَه وجمالَه يرجع إلى مظاهره أكثر من رجوعه إلى أضداده وأمثاله.

فمثلا: الكرمُ صفة جميلة لطيفة، فالكريم يتلذذ لذةً ممتعة من تلذذ مَن يُكرمُهم، ويستمتع بفرحِهم أكثر ألف مرة من لذة نسبية يحصل عليها من تفوّقه على أقرانه من المكرمين. وكذا الشفيقُ والرحيم، يتلذذ كلّ منهما، لذةً حقيقية بقدر راحةِ من يشفق عليهم من المخلوقات.

Yükleniyor...