ففي قوله تعالى: ﹛﴿ وَلَئِنْ سَاَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمٰوَاتِ وَالْاَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللّٰهُ ﴾|﹜ (لقمان:٢٥). وقوله تعالى: ﹛﴿ وَمِنْ اٰيَاتِه۪ خَلْقُ السَّمٰوَاتِ وَالْاَرْضِ وَاخْتِلَافُ اَلْسِنَتِكُمْ وَاَلْوَانِكُمْ ﴾|﹜ (الروم:٢٢) وأمثالها من الآيات العديدة يعرض القرآن الكريم خلقَ السماوات والأرض برهانا على الوحدانية بدرجة البداهة. فكلّ مَن يملك شعورا مضطر إلى تصديق خالقه في خلقه السماوات والأرض كما في قوله تعالى: ﹛﴿ لَيَقُولُنَّ اللّٰهُ ﴾|﹜.

ولقد بيَّنا في الموقف الأول بوضوح خَتمَ التوحيد وسكّته على الموجودات، ابتداءً من ذرة واحدة إلى السيارات وإلى السماوات. فالقرآن الكريم يطرد الشرك وينفيه ابتداءً من النجوم والسماوات وانتهاءً إلى الذرات، بمثل هذه الآيات الجليلة، فيشير ويومئ إلى أن القدير المطلق الذي خلق السماوات والأرض في نظام بديع لابد وأن تكون المنظومة الشمسية، التي هي من دوائر مصنوعاته، في قبضته بالبداهة.

وما دام ذلك القدير المطلق يمسك الشمسَ وسياراتها في قبضته وينظّمها ويسخّرها، ويديرها. فلابد أن الأرض التي هي جزء من تلك المنظومة ومرتبطة بالشمس في قبضته سبحانه وضمن إدارته وتدبيره أيضا.

وما دامت الكرةُ الأرضية ضمن تدبيره سبحانه وضمن إدارته، فالبداهة تكون المصنوعاتُ التي تُخلَق وتُكتب على وجه الأرض التي هي بمثابة ثمرات الأرض وغاياتِها في قبضة ربوبيته سبحانه.

وما دامت جميعُ المصنوعات المنشورة والمنثورة على وجه الأرض والتي تجمّلها وتزيّنها وتملؤها وتفرغها منها كل حين في قبضة قدرته وعلمه، وأنها توزَن وتُنظَّم بميزان عدله وحكمته، وأن جميع الأنواع في قبضة قدرته سبحانه. فلابد أن أفرادَها المنتظمة المتقنة، التي كل منها بمثابة مثالٍ مصغر للعالم وكشاف سجلات ميزانية أنواع الكائنات وفهارس مصغرة لكتاب العالم، تكون بالبداهة في قبضة ربوبيته سبحانه وإيجاده وضمن إدارته وتربيته.

ومادام كلُّ ذي حياة في قبضة تدبيره وتربيته، فلابدَّ أن الحُجيرات والكريات والأعضاء والأعصاب، التي تشكل وجود ذلك الكائن الحي، في قبضة علمِه وقدرته بالبداهة.


Yükleniyor...