والأرض، وتتمتع بها بجميع رغباتِ القلب في سرعة الخيال وفي سعة الروح وجولان العقل وسرَيانه.. وفوق كل هذا ستحظى برؤية جمالِه سبحانه في السعادة الأبدية. فكلُّ إنسان، لم تنحط إنسانيتُه يستطيع أن يُدرك مدى الفرح والسرور اللذين يغمران ذلك الذي يُقال له مثل هذا الكلام.

والآن نتوجه إلى ذلك القاعد في مقام الاستماع، فنقول له: مزِّق عنك قميصَ الإلحاد، وارمِه بعيدا، واستمع بأُذُن المؤمن، وتقلّدْ نظرَ المسلم، فسأبيّن لك قيمةَ بضعِ ثمرات ضمن مثالين صغيرين:

المثال الأول: هب أننا معك في مملكة واسعة. أينما تتوجّه فيها بالنظر فلا ترى إلّا العداء، فكلُّ شيء عدوّ لنا، وكلُّ شيءٍ يضمر عداوةً للآخر، وكلُّ ما فيها غريب عنا لا نعرفه، وكلُّ زاوية منها ملآى بجنائزَ تثير الرعبَ والدهشة. وتتعالى أصوات من هنا وهناك وهي أصواتُ نياحِ واستغاثاتِ اليتامى والمظلومين. فبينما نحن في مثل هذه المآسي والآلام، إذا بأحدٍ يذهب إلى سلطان المملكة ويأتي منه ببشرى سارة للجميع.

فإذا ما بدّلتْ تلك البشرى ما كان غريبا عنا أحبابا أودّاء.. وإذا ما غيّرتْ شكلَ مَن كنّا نراه عدوّا إلى صورةِ إخوانٍ أحبّاء.. وإذا ما أظهرتْ لنا الجنائزَ الميتة المخيفة على صورة عبادٍ خاشعين قانتين ذاكرين الله مسبّحين بحمده.. وإذا ما حوّلت تلك الصياحات والنواحات إلى ما يشبه الحمد والثناء والشكر.. وإذا ما بدّلت تلك الأموات والغصب والنهب إلى ترخيص وتسريح من أعباء الوظيفة.. وإذا كنا نحن نشارك الآخرين في سرورهم فضلا عن سرورنا.. عند ذلك يمكنك أن تقدّر مدى السرور الذي يعمّنا بتلك البشرى العظيمة.

وهكذا فإحدى ثمراتِ المعراج هي نور الإيمان، فلو خلَت الدنيا من هذه الثمرة، أي إذا ما نُظر إلى الكائنات بنظر الضلالة، فلا ترى الموجوداتِ إلّا غريبةً، متوحشة، مزعجة، مضرة، والأجسامَ الضخمة -كالجبال- جنائزَ تثير الدهشة والخوف. والأجلَ جلاداً يضرب أعناق الموجودات ويرميها إلى بئر العدم. وجميعَ الأصوات والأصداء ما هي إلّا صراخ ونعي ناشئان من الفراق والزوال..

فبينما تُصوِّر لك الضلالةُ الموجوداتِ هكذا، إذا بثمرة المعراج التي هي حقائقُ الإيمان


Yükleniyor...