بحاجة إلى الامتثال بتلك الأحكام واتّباعها في حياتهم. ولا يتم ذلك إلّا بتذكيرهم وحثّهم على العمل وشحذ الهمم وإثارة غيرة الإسلام في عروقهم، وتحريك شعور الإيمان لديهم كي ينهضوا بامتثال واتّباع تلك الأحكام المطهرة.

فالمسلم العامي -مهما بلغ جهلُه- يدرك هذا المعنى الإجمالي من القرآن الكريم، ومن الخطبة العربية، ويعلم في قرارة نفسه بأن الخطيب أو القاريء للقرآن الكريم يذكّره ويذكّر الآخرين معه، بأركان الإيمان وأسس الإسلام التي هي معلومة من الدين بالضرورة. وعندها يفعم قلبُه بالأشواق إلى تطبيق تلك الأحكام.

ليت شعري أي تعبير في الكون كلّه يمكنه أن يقف على قدميه حيال الإعجاز الرائع في القرآن الكريم الموصول بالعرش العظيم.. وأي ترغيب وترهيب وبيان وتذكير يمكن أن يكون أفضل منه؟!

سادسها

إنّ قربَ عهد المجتهدين العظام من السلف الصالحين لعصر الصحابة الكرام الذي هو عصر الحقيقة وعصر النور يسَّر لهم أن يأخذوا النور الصافي من أقرب مصادره، فتمكّنوا من القيام باجتهاداتهم الخالصة. في حين أن مجتهدي العصر الحديث ينظرون إلى كتاب الحقيقة من مسافة بعيدة جدا ومن وراء كثير جدا من الأستار والحُجب حتى ليصعب عليهم رؤية أوضح حرف فيه.

فإن قلتَ: إن مدار الاجتهادات ومصدرَ الأحكام الشرعية هو عدالةُ الصحابة وصدقهم، حتى اتفقت الأمةُ على أنهم عدول صادقون، علما أنهم بشر مثلنا، لا يخلون من خطأ!

الجواب: إنّ الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين هم روّاد الحق وعشاقُه، وهم التواقون إلى الصدق والعدل، ولقد تبين في عصرهم قبحُ الكذب ومساوئه، وجمالُ الصدق ومحاسنه بوضوح تام، بحيث أصبح البَون شاسعا بين الصدق والكذب، كالبعد بين الثريا والثرى وبين العرش والفرش!! إذ يوضح ذلك الفارق الكبير بين الرسول الأعظم ﷺ الواقف على قمة درجات الصدق وفي أعلى عليين، وبين مسيلمة الكذاب الذي كان في أسفل سافلين وفي أوطأ

Yükleniyor...