واهتزازات عديدة، سواء في حركات التروس الدائمة أو في اهتزازات الدواليب والآلات الدقيقة. فكما أن الساعة هكذا، فالدنيا كذلك، كأنها ساعة عظيمة أبدعَتها القدرةُ الإلهية، فعلى الرغم من أنها تبدو ثابتة مستقرة، فهي تتقلب وتتدحرج في تغيّر واضطراب دائمين، ضمن تيار الزوال والفناء؛ إذ لما حلّ «الزمان» في الدنيا، أصبح «الليل والنهار» كعقرب الثواني ذي الرأس المزدوج لتلك الساعة العظمى، تتبدل بسرعة.. وصارت «السنة» كأنها عقرب الدقائق لتلك الساعة.. وغدا «العصر» كأنه عقرب الساعات لها.. وهكذا ألقى «الزمانُ» الدنيا على ظهر أمواج الزوال والفناء، مستبقيا الحاضر وحدَه للوجود مسلّما الماضي والمستقبل إلى العدم.

فالدنيا -علاوة على هذه الصورة التي يمنحها الزمان- هي كالساعة أيضا متغيرة وغير ثابتة، من حيث «المكان»؛ إذ إن «الجو» -كمكان- في تبدل سريع وفي تغيّر دائم، وفي تحول مستمر، حتى إنه قد يحدث في اليوم الواحد مراتٍ عدة امتلاءُ الغيوم بالأمطار ثم انقشاعها عن صحو باسم. أي كأن الجو بسرعة تغيّره وتحوله يمثل عقرب الثواني لتلك الساعة العظمى.

و«الأرض» التي هي ركيزة دار الدنيا، فإن «وجهها» كمكان في تبدل مستمر، من حيث الموت والحياة، ومن حيث ما عليه من نبات وحيوان، لذا فهو كعقرب الدقائق تبين لنا أن هذه الجهة من الدنيا عابرة سائرة زائلة. وكما أن الأرض من حيث وجهها في تبدل وتغير، فإن ما في «باطنها» من تغيرات وزلازل وانقلابات تنتهي إلى بروز الجبال وخسف الأرض، جعلها كعقرب الساعات التي تسير ببطء نوعا ما إلّا أنها تبين لنا أن هذه الجهة من الدنيا أيضا تمضي إلى زوال.

أما «السماء» التي هي سقف دار الدنيا، فإن التغيرات الحاصلة فيها -كمكان- سواء بحركات الأجرام السماوية، أو بظهور المذنّبات وحدوث الكسوف والخسوف، وسقوط النجوم والشُهب وأمثالها من التغيرات تبين أن السماء ليست ثابتةً ولا مستقرة، بل تسير نحو الهرم والدمار. فتغيراتُها كعقرب الساعة العادَّة للأسابيع، الدالة على مضيها نحو الخراب والزوال رغم سيرها البطيء.

وهكذا، فالدنيا -من حيث إنها دنيا (أي باعتبار نفسها)- قد شُيّدت على هذه الأركان السبعة، هذه الأركان تهدّها في كل وقت وتزلزلها كل حين، إلّا أن هذه الدنيا المتزلزلة المتغيرة

Yükleniyor...