حدود كبريائها الفضاء المطلق غير المحدود وتحيط به، ويمتد مدى إجراءاتها من حدود ﹛﴿ فَالِقُ الْحَبِّ وَالنَّوٰى ﴾|﹜ (الأنعام:٩٥) ﹛﴿ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِه۪ ﴾|﹜ (الأنفال:٢٤) ﹛﴿ هُوَ الَّذ۪ي يُصَوِّرُكُمْ فِي الْاَرْحَامِ كَيْفَ يَشَٓاءُ ﴾|﹜ (آل عمران:٦) إلى ﹛﴿ خَلَقَ السَّمٰوَاتِ وَالْاَرْضَ ف۪ي سِتَّةِ اَيَّامٍ ﴾|﹜ (هود:٧) والى ﹛﴿ وَالسَّمٰوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَم۪ينِه۪ ﴾|﹜ (الزمر:٦٧) ﹛﴿ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ ﴾|﹜ (الرعد:٢) فنرى أن القرآن الكريم يبين تلك الحقيقة النورانية بجميع فروعها وأغصانها وبجميع غاياتها وثمراتها بيانا في منتهى التوافق والانسجام بحيث لا تعيق حقيقة حقيقةً أخرى ولا يفسد حكمُ حقيقةٍ حُكْما لأخرى، ولا تستوحش حقيقةٌ من غيرها. وعلى هذه الصورة المتجانسة المتناسقة بيّنَ القرآن الكريم حقائق الأسماء الإلهية والصفات الجليلة والشؤون الربانية والأفعال الحكيمة بيانا معجزا بحيث جعل جميع أهل الكشف والحقيقة وجميع أولي المعرفة والحكمة الذين يجولون في عالم الملكوت، يصدّقونه قائلين أمام جمال بيانه المعجز والإعجابُ يغمرهم: «سبحان الله! ما أصوبَ هذا! وما أكثر انسجامه وتوافقه وتطابقه مع الحقيقة وما أجمله وأليَقه».

فلو أخذنا مثلا أركان الإيمان الستة التي تتوجه إلى جميع دائرة الموجودات المختلفة ودائرة الوجوب الإلهي والتي تعد غصنا من تلكما الشجرتين العظيمتين، يصورها القرآن الكريم بجميع فروعها وأغصانها وثمراتها وأزاهيرها مراعيا في تصويره انسجاما بديعا بين ثمراتها وأزاهيرها معرّفا طرز التناسب في منتهى التوازن والاتساق بحيث يجعل عقل الإنسان عاجزا عن إدراك أبعاده ومبهوتا أمام حسن جماله.

ثم إن الإسلام الذي هو فرع من غصن الإيمان، أبدع القرآن الكريم وأتى بالرائع المعجب في تصوير أدق فروع أركانه الخمسة، وحافظ على جمال التناسب وكمال التوازن فيما بينها، بل حافظ على أبسط آدابها ومنتهى غاياتها وأعمق حِكَمها وأصغر فوائدها وثمراتها. وأبهر دليل على ذلك هو كمالُ انتظام الشريعة العظمى النابعة من نصوص ذلك القرآن الجامع ومن إشاراته ورموزه.. فكمالُ انتظام هذه الشريعة الغراء وجمالُ توازنها الدقيق وحسنُ تناسب أحكامها ورصانتها، كلّ منها شاهِدُ عدلٍ لا يُجرح وبرهان قاطع باهر لا يدنو منه الريب أبدا على أحقية القرآن الكريم؛ بمعنى أنّ البيانات القرآنية لا يمكن أن تستند إلى علم


Yükleniyor...