كامل أمام عظمة كبريائه جل وعلا. فما أسماها من وظيفةٍ تأديةُ صلاة العصر بهذا المعنى! وما أليَقها من خدمة! بل ما أحقَّه من وقتٍ لقضاء دَين الفطرة، وما أعظمَه من فوزٍ للسعادة في منتهى اللذة! فمن كان إنسانا حقا فسيفهم هذا.
وعند وقت المغرب الذي يذكّر بوقت غروب المخلوقات اللطيفة الجميلة لعالم الصيف والخريف في خزينة الودائع منذ ابتداء الشتاء، ويذكّر بوقت دخول الإنسان القبرَ عند وفاته وفراقه الأليم لجميع أحبته، وبوفاة الدنيا كلها بزلزلة سكراتها وانتقال ساكنيها جميعا إلى عوالم أخرى.
ويذكّر كذلك بانطفاء مصباح دار الامتحان هذه. فهو وقت إيقاظ قوي وإنذار شديد لأولئك الذين يعشقون لحدّ العبادة المحبوبات التي تغرب وراء أفق الزوال. لذا فالإنسان الذي يملك روحا صافية كالمرآة المجلوة المشتاقة فطرةً إلى تجليات الجمال الباقي، لأجل أداء صلاة المغرب في مثل هذا الوقت يولّي وجهه إلى عرش عظمة مَن هو قديم لم يزل، ومن هو باقٍ لا يزال، ومَن هو يدبر أمر هذه العوالم الجسيمة ويبدّلها، فيدوّي بصوته قائلا: «الله أكبر» فوق رؤوس هذه المخلوقات الفانية، مُطلقا يده منها، مكتوفا في خدمة مولاه الحق منتصبا قائما عند مَن هو دائم باقٍ جل وعلا ليقول: «الحمد لله» أمام كماله الذي لا نقص فيه، وأمام جماله الذي لا مثيل له، واقفا أمامه مُثنيا رحمته الواسعة ليقول: ﹛﴿ اِيَّاكَ نَعْبُدُ وَاِيَّاكَ نَسْتَع۪ينُ ﴾|﹜ .. ليعرض عبوديته واستعانته تجاه ربوبية مولاه التي لا معين لها وتجاه ألوهيته التي لا شريك لها، وتجاه سلطنته التي لا وزير لها.
فيركع إظهارا لعجزه وضعفه وفقره مع الكائنات جميعا أمام كبريائه سبحانه التي لا منتهى لها، وأمام قدرته التي لا حدّ لها، وأمام عزته التي لا عجز فيها، مسبحا ربّه العظيم قائلا: «سبحان ربي العظيم» . ثم يهوي إلى السجود أمام جمال ذاته الذي لا يزول، وأمام صفاته المقدسة التي لا تتغير، وأمام كمال سرمديته الذي لا يتبدل، مُعلنا بذلك حبَّه وعبوديته في إعجاب وفناء وذلٍ، تاركا ما سواه سبحانه قائلا: «سبحان ربي الأعلى» واجدا جميلا باقيا ورحيما سرمديا بدلا من كل فانٍ. فيقدس ربَّه الأعلى المنـزه عن الزوال المبرأ من التقصير ويجلس للتشهد، فيقدّم التحيات والصلوات الطيبات لجميع المخلوقات هديةً باسمه إلى ذلك الجميل الذي
وعند وقت المغرب الذي يذكّر بوقت غروب المخلوقات اللطيفة الجميلة لعالم الصيف والخريف في خزينة الودائع منذ ابتداء الشتاء، ويذكّر بوقت دخول الإنسان القبرَ عند وفاته وفراقه الأليم لجميع أحبته، وبوفاة الدنيا كلها بزلزلة سكراتها وانتقال ساكنيها جميعا إلى عوالم أخرى.
ويذكّر كذلك بانطفاء مصباح دار الامتحان هذه. فهو وقت إيقاظ قوي وإنذار شديد لأولئك الذين يعشقون لحدّ العبادة المحبوبات التي تغرب وراء أفق الزوال. لذا فالإنسان الذي يملك روحا صافية كالمرآة المجلوة المشتاقة فطرةً إلى تجليات الجمال الباقي، لأجل أداء صلاة المغرب في مثل هذا الوقت يولّي وجهه إلى عرش عظمة مَن هو قديم لم يزل، ومن هو باقٍ لا يزال، ومَن هو يدبر أمر هذه العوالم الجسيمة ويبدّلها، فيدوّي بصوته قائلا: «الله أكبر» فوق رؤوس هذه المخلوقات الفانية، مُطلقا يده منها، مكتوفا في خدمة مولاه الحق منتصبا قائما عند مَن هو دائم باقٍ جل وعلا ليقول: «الحمد لله» أمام كماله الذي لا نقص فيه، وأمام جماله الذي لا مثيل له، واقفا أمامه مُثنيا رحمته الواسعة ليقول: ﹛﴿ اِيَّاكَ نَعْبُدُ وَاِيَّاكَ نَسْتَع۪ينُ ﴾|﹜ .. ليعرض عبوديته واستعانته تجاه ربوبية مولاه التي لا معين لها وتجاه ألوهيته التي لا شريك لها، وتجاه سلطنته التي لا وزير لها.
فيركع إظهارا لعجزه وضعفه وفقره مع الكائنات جميعا أمام كبريائه سبحانه التي لا منتهى لها، وأمام قدرته التي لا حدّ لها، وأمام عزته التي لا عجز فيها، مسبحا ربّه العظيم قائلا: «سبحان ربي العظيم» . ثم يهوي إلى السجود أمام جمال ذاته الذي لا يزول، وأمام صفاته المقدسة التي لا تتغير، وأمام كمال سرمديته الذي لا يتبدل، مُعلنا بذلك حبَّه وعبوديته في إعجاب وفناء وذلٍ، تاركا ما سواه سبحانه قائلا: «سبحان ربي الأعلى» واجدا جميلا باقيا ورحيما سرمديا بدلا من كل فانٍ. فيقدس ربَّه الأعلى المنـزه عن الزوال المبرأ من التقصير ويجلس للتشهد، فيقدّم التحيات والصلوات الطيبات لجميع المخلوقات هديةً باسمه إلى ذلك الجميل الذي
Yükleniyor...