تجعل أمَّه تدفع عنه الأسدَ بما تملك من قوة. وإن القوة الكامنة في ضَعف شبل الأسد تسخِّر أمَّه المفترسة الضارية لنفسه، بحيث يبقى الأسدُ يتضوَّرُ من الجوع بينما يشبع هو مع صِغَره وضَعفه. وإنه لجدير بالملاحظة؛ القوةُ الهائلةُ في الضعف، بل حريّ بالمشاهدة والإعجاب: تجلي الرحمة في ذلك الضعف.
وكما أن الطفل المحبوبَ الرقيقَ يحصل بضعفه على شفقة الآخرين، وببكائه على مطالبه، فيَخضع له الأقوياءُ والسلاطينُ فينال ما لا يمكنه أن ينال واحدا من الألف منه بقوته الضئيلة. فضَعفُه وعَجزُه إذن هما اللذان يحرّكان ويثيران الشفقة والحماية بحقه حتى إنه يذلّل بسبابته الصغيرة الكبارَ وينقاد إليه الملوكُ والأمراءُ. فلو أنكر ذلك الطفلُ تلك الشفقةَ واتّهم تلك الحمايةَ وقال بحماقة وغرور: «أنا الذي سخرتُ كل هؤلاء الأقوياء بقوتي وإرادتي»! فلاشك أنه يستحق أن يقابَلَ باللطمة والصفعة. وكذلك الإنسان إذا أنكر رحمةَ خالقه وأتهم حكمتَه وقال مثل ما قال قارون جاحدا النعمة: ﹛﴿ اِنَّمَٓا اُو۫ت۪يتُهُ عَلٰى عِلْمٍ عِنْد۪ي ﴾|﹜ (القصص:٧٨)، فلاشك أنه يعرِّض نفسَه للعذاب. فهذه المنـزلة والسلطنة التي يتمتع بها الإنسانُ وهذه الترقيات البشرية والآفاق الحضارية ليست ناشئة من تفّوقه وقوةِ جدالِه وهيمنةِ غلبتِه ولا هو بجالب لها، بل مُنحتْ للإنسان لضَعفه ومُدّت له يدُ المعاونة لعجزه، وأُحسنتْ إليه لفقره، وأكرم بها لاحتياجه. وإن سبب تلك السلطنةِ ليس بما يملك من قوةٍ ولا بما يقدِرُ عليه من علمٍ، بل هو الشفقةُ الربانيةُ ورأفتُها والرحمةُ الإلهية وحكمتُها التي سَخَّرت له الأشياءَ وسلَّمتْها إليه. نعم، إن الإنسان المغلوبَ أمام عقرب بلا عيون، وحيّة بلا أرجل ليست قدرتُه هي التي ألبَستْه الحريرَ من دودة صغيرة وأطعمته العسلَ من حشرة سامة، وإنما ذلك ثمرةُ ضعفه الناتجة من التسخير الرباني والإكرام الرحماني.
فيا أيها الإنسان! ما دامت الحقيقة هكذا فدعْ عنك الغرورَ والأنانية، وأعلن أمامَ عتبة باب الألوهية عجزَك وضعفَك، أعلنهما بلسان الاستمداد، وأفصِح عن فقرك وحاجتك بلسان التضرع والدعاء، وأظهِر بأنك عبد لله خالص قائلا: ﹛﴿ حَسْبُنَا اللّٰهُ وَنِعْمَ الْوَك۪يلُ ﴾|﹜ فارتفعْ وارتقِ في مدارج العلا.
وكما أن الطفل المحبوبَ الرقيقَ يحصل بضعفه على شفقة الآخرين، وببكائه على مطالبه، فيَخضع له الأقوياءُ والسلاطينُ فينال ما لا يمكنه أن ينال واحدا من الألف منه بقوته الضئيلة. فضَعفُه وعَجزُه إذن هما اللذان يحرّكان ويثيران الشفقة والحماية بحقه حتى إنه يذلّل بسبابته الصغيرة الكبارَ وينقاد إليه الملوكُ والأمراءُ. فلو أنكر ذلك الطفلُ تلك الشفقةَ واتّهم تلك الحمايةَ وقال بحماقة وغرور: «أنا الذي سخرتُ كل هؤلاء الأقوياء بقوتي وإرادتي»! فلاشك أنه يستحق أن يقابَلَ باللطمة والصفعة. وكذلك الإنسان إذا أنكر رحمةَ خالقه وأتهم حكمتَه وقال مثل ما قال قارون جاحدا النعمة: ﹛﴿ اِنَّمَٓا اُو۫ت۪يتُهُ عَلٰى عِلْمٍ عِنْد۪ي ﴾|﹜ (القصص:٧٨)، فلاشك أنه يعرِّض نفسَه للعذاب. فهذه المنـزلة والسلطنة التي يتمتع بها الإنسانُ وهذه الترقيات البشرية والآفاق الحضارية ليست ناشئة من تفّوقه وقوةِ جدالِه وهيمنةِ غلبتِه ولا هو بجالب لها، بل مُنحتْ للإنسان لضَعفه ومُدّت له يدُ المعاونة لعجزه، وأُحسنتْ إليه لفقره، وأكرم بها لاحتياجه. وإن سبب تلك السلطنةِ ليس بما يملك من قوةٍ ولا بما يقدِرُ عليه من علمٍ، بل هو الشفقةُ الربانيةُ ورأفتُها والرحمةُ الإلهية وحكمتُها التي سَخَّرت له الأشياءَ وسلَّمتْها إليه. نعم، إن الإنسان المغلوبَ أمام عقرب بلا عيون، وحيّة بلا أرجل ليست قدرتُه هي التي ألبَستْه الحريرَ من دودة صغيرة وأطعمته العسلَ من حشرة سامة، وإنما ذلك ثمرةُ ضعفه الناتجة من التسخير الرباني والإكرام الرحماني.
فيا أيها الإنسان! ما دامت الحقيقة هكذا فدعْ عنك الغرورَ والأنانية، وأعلن أمامَ عتبة باب الألوهية عجزَك وضعفَك، أعلنهما بلسان الاستمداد، وأفصِح عن فقرك وحاجتك بلسان التضرع والدعاء، وأظهِر بأنك عبد لله خالص قائلا: ﹛﴿ حَسْبُنَا اللّٰهُ وَنِعْمَ الْوَك۪يلُ ﴾|﹜ فارتفعْ وارتقِ في مدارج العلا.
Yükleniyor...