الحي ذبابة أو زهرة! أي إعطاء صفات الألوهية لكل ذرة من ذرات أي كائن! أي قبـولُ افتراضاتٍ محالة من أمثال هذه الافتراضات التي توجب السقوطَ إلى أدنى بلاهات الضلالة وحماقات الخرافة! ذلك لأنه سبحانه وتعالى قد أعطى لذرات كل شيء -لا سيما إذا كانت من أمثال البذرة والنواة- وضعا معينا، كأنّ تلك الذرة تنظر إلى ذلك الكائن الحي كله -رغم أنها جزء منه- وتتخذ موقفا معينا وفق نظامه، بل تتخذ هيئة خاصة بما يفيد دوام ذلك النوع، وانتشاره ونصب رايته في كل مكان، وكأنها تتطلع إلى جميع أنواع ذلك الكائن في الأرض -فتزود البذرة مثلا بما يشبه جُنيحات لأجل الطيران والانتشار- ويتخذ ذلك الكائن الحيّ موقفا يتعلق بجميع موجودات الأرض التي يحتاجها لإدامة حياته وتربيته ورزقه ومعاملاته. فإن لم تكن تلك الذرةُ مأمورةً من لدن قدير مطلق القدرة، وقُطِعت نسبتُها من ذلك القدير المطلق، لزم أن يُعطى لها بصر تبصر به جميع الأشياء، وشعور يحيط بكل شيء!!.

حاصل الكلام: كما أنه لو لم تُسنَد صُور الشُميسات المشرقة وانعكاسات الألوان المختلفة في القطرات وقطع الزجاج إلى ضوء الشمس، ينبغي عندئذٍ قبول شموس لا تُحصى بدلا من شمس واحدة. مما يقتضي التسليم بخرافة محالة؛ كذلك لو لم يُسند خلقُ كل شيء إلى القدير المطلق، للزم قبولُ آلهة غير متناهية بل بعدد ذرات الكون بدلا من الله الواحد الأحد سبحانه. أي قبولُ محال بدرجة مائة محال، أي ينبغي السقوط إلى هذيان الجنون.

نخلص من هذا: أن هناك في كل ذرة ثلاثةَ شبابيك نافذة مفتّحة إلى نور وحدانية الله جلّ جلالُه وإلى وجوب وجوده سبحانه وتعالى:

النافذة الأولى:

إن كل ذرة كالجندي، الذي له علاقة مع كل دائرة من الدوائر العسكرية أي مع رهطه وسريته وفَوجه ولوائه وفرقته وجيشه، وله حسب تلك العلاقة وظيفة هناك، وله حسب تلك الوظيفة حركة خاصة ضمن نطاق نظامها. فالذرة الجامدة الصغيرة جدا، التي هي في بؤبؤ عينك لها علاقة معينة ووظيفة خاصة، في عينك ورأسك وجسمك، وفي القوى المولدة والجاذبة والدافعة والمصورة، وفي الأوردة والشرايين والأعصاب، بل لها علاقة حتى مع نوع الإنسان.


Yükleniyor...