استقرأ آياتِه قراءة واضحة، فكيف إذا استطعتَ أن تنظر إلى جميع «ذوي الحياة» وتشاهِد تلك الأختام معا، وأن تراها دفعةً واحدة، أما تقول: «سبحان من اختفى بشدة ظُهوره»؟
اللمعة الرابعة
انظر إلى هذه الموجودات الملوّنة الزاهية المبثوثة على وجه الأرض، وإلى هذه المصنوعات المتنوعة السابحة في بحر السماوات، تأمل فيها جيدا.. تَرَ: أنّ على كل موجود منها طغراء لا تقلّد للمنوّر الأزلي جلّ وعلا. فكما تُشاهَد على «الحياة» آياتُه وشاراتُه، وعلى «ذوي الحياة» أختامُه -وقد رأينا بعضا منها-، تُشاهَد آيات وشارات أيضا على «الإحياء»، أي منح الحياة. سننظر إلى حقيقتها بمثال، إذ المثال يقرِّب المعاني العميقة للأفهام:
إنه يشاهَد على كل من السيارات السابحة في الفضاء، وقطرات الماء، وقطع الزجاج الصغيرة، وبلورات الثلج البراقة.. طغراء لصورة الشمس وختم لانعكاسها، وأثر نوراني خاص بها، فإن لم تقبل أن تلك الشُمَيسات المشرقة على الأشياء غير المحدودة، هي انعكاسات نور الشمس وتجلّيها، فستضطر أن تقبل بوجود شمس بالأصالة في كل قطرة، وفي كل قطعة زجاجٍ معرّضة للضوء، وفي كل ذرة شفافة تقابل الضوء، مما يلزم ترديك في منتهى البلاهة ومنتهى الجنون!
وهكذا، فلله سبحانه وهو نورُ السماوات والأرض تجليات نورانية، من حيث «الإحياءُ» وإفاضةُ الحياة، فهو آية جلية وطغراء واضحة يضعها سبحانه على كل ذي حياة، بحيث لو افتُرض اجتماعُ جميع الأسباب وأصبح كلُّ سبب فاعلا مختارا فلن تستطيع منحَ حياةٍ لموجود. أي إنها تعجَز عَجزا مطلقا عن أن تقلّد الختمَ الرباني في الإحياء. ذلك لأن كل ذي حياة هو بحدّ ذاته معجزة من معجزات القدرة الإلهية، إذ هو على صورة نقطة مركزية «كالبؤرة» لتجليات الأسماء الحسنى، التي كلّ منها بمثابة شعاع من نوره سبحانه. فلو لم يُسنَد ما يشاهَد على الكائن الحيّ من صنعةٍ بديعة في الصورة، وحكمةٍ بالغة في النظام، وتجلٍّ باهر لسر الأحدية، إلى الأحد الصمد جلّ جلالُه، للزم قبولَ قدرةٍ فاطرة مطلـقة غير متـناهية مـستـترة في كل ذي حياة، ووجود علمٍ محيط واسع فيه، مع إرادةٍ مطلقة قـادرةٍ عـلى إدارة الـكون، بل يجب قبول وجود بقية الصفات التي تخص الخالق سبحانه في ذلك الكائن، حتى لو كان الكائن
اللمعة الرابعة
انظر إلى هذه الموجودات الملوّنة الزاهية المبثوثة على وجه الأرض، وإلى هذه المصنوعات المتنوعة السابحة في بحر السماوات، تأمل فيها جيدا.. تَرَ: أنّ على كل موجود منها طغراء لا تقلّد للمنوّر الأزلي جلّ وعلا. فكما تُشاهَد على «الحياة» آياتُه وشاراتُه، وعلى «ذوي الحياة» أختامُه -وقد رأينا بعضا منها-، تُشاهَد آيات وشارات أيضا على «الإحياء»، أي منح الحياة. سننظر إلى حقيقتها بمثال، إذ المثال يقرِّب المعاني العميقة للأفهام:
إنه يشاهَد على كل من السيارات السابحة في الفضاء، وقطرات الماء، وقطع الزجاج الصغيرة، وبلورات الثلج البراقة.. طغراء لصورة الشمس وختم لانعكاسها، وأثر نوراني خاص بها، فإن لم تقبل أن تلك الشُمَيسات المشرقة على الأشياء غير المحدودة، هي انعكاسات نور الشمس وتجلّيها، فستضطر أن تقبل بوجود شمس بالأصالة في كل قطرة، وفي كل قطعة زجاجٍ معرّضة للضوء، وفي كل ذرة شفافة تقابل الضوء، مما يلزم ترديك في منتهى البلاهة ومنتهى الجنون!
وهكذا، فلله سبحانه وهو نورُ السماوات والأرض تجليات نورانية، من حيث «الإحياءُ» وإفاضةُ الحياة، فهو آية جلية وطغراء واضحة يضعها سبحانه على كل ذي حياة، بحيث لو افتُرض اجتماعُ جميع الأسباب وأصبح كلُّ سبب فاعلا مختارا فلن تستطيع منحَ حياةٍ لموجود. أي إنها تعجَز عَجزا مطلقا عن أن تقلّد الختمَ الرباني في الإحياء. ذلك لأن كل ذي حياة هو بحدّ ذاته معجزة من معجزات القدرة الإلهية، إذ هو على صورة نقطة مركزية «كالبؤرة» لتجليات الأسماء الحسنى، التي كلّ منها بمثابة شعاع من نوره سبحانه. فلو لم يُسنَد ما يشاهَد على الكائن الحيّ من صنعةٍ بديعة في الصورة، وحكمةٍ بالغة في النظام، وتجلٍّ باهر لسر الأحدية، إلى الأحد الصمد جلّ جلالُه، للزم قبولَ قدرةٍ فاطرة مطلـقة غير متـناهية مـستـترة في كل ذي حياة، ووجود علمٍ محيط واسع فيه، مع إرادةٍ مطلقة قـادرةٍ عـلى إدارة الـكون، بل يجب قبول وجود بقية الصفات التي تخص الخالق سبحانه في ذلك الكائن، حتى لو كان الكائن
Yükleniyor...