أي إن إيجاد هذه النقوش الرائعة معجزة عظيمة كإيجاد المملكة نفسها، فكل صنعة بديعة ليست إلّا لوحةُ إعلانٍ تُفصح عن أوصاف ذلك الصانع البديع، وكلُّ نقش جميل هو ختم واضح من أختامه الدالة عليه.
فكما أنه لا يمكن لحرفٍ إلّا أن يدل على كاتبه، ولا يمكن لنقشٍ إلّا أن ينبئ عن نقاشه، فكيف يمكن إذن ألّا يدل حرف كُتب فيه كتاب عظيم على كاتبه، ونقش نُقشَت ألوف النقوش على نقّاشه؟ ألا تكون دلالتُه أظهرَ وأوضحَ من دلالته على نفسه؟
البرهان السادس
تعالَ يا صديقي لنذهب إلى نـزهة نتجول في هذه الفلاة الواسعة (9) المفروشة أمامنا.. ها هو ذا جبل أشمّ، تعال لنصعد عليه حتى نتمكن من مشاهدة جميع الأطراف بسهولة، ولنحمِل معنا نظارات مكبّرة تقرب لنا ما هو بعيد عن أنظارنا. فهذه المملكة فيها من الأمور العجيبة والحوادث الغريبة ما لا يخطر على بال أحد. انظر إلى تلك الجبال والسهول المنبسطة والمدن العامرة، إنه أمر عجيب حقا إذ يتبدل جميعُها دفعة واحدة، بل إن ملايين الملايين من الأفعال المتشابكة تتبدل تبدلا بكل نظام وبكل تناسق، فكأن ملايين الأطوال من منسوجات ملونة رائعة تُنسج أمامنا في آن واحد.. حقا إن هذه التحولات عجيبة جدا. فأين تلك الأزاهير التي ابتسمت لنا والتي أنِسنا بها؟.. لقد غابتْ عنا، وحلّت محلَّها أنواع مخالفة لها صورةً، مماثلة ماهية. وكأن هذه السهول المنبسطة وهذه الجبال المنصوبة صحائفُ كتاب يُكتب في كلٍّ منها كتب مختلفة في غاية الإتقان دون سهو أو خطأ ثم تُمسح تلك الكتب ويُكتب غيرُها.. فهل ترى يا صديقي أن تبدّل هذه الأحوال وتحوّل هذه الأوضاع الذي يتم بكل نظام وميزان يحدث من تلقاء نفسه؟. أليس ذلك محالا من أشد المحالات؟
فلا يمكن إحالة هذه الأشياء التي أمامنا وهي في غاية الإتقان والصنعة إلى نفسها قط، فذلك محال في محال. بل هي أدلة واضحة على صانعها البديع أوضحَ من دلالتها على نفسها، إذ تبيّن أن صانعَها البديع لا يُعجزه شيء، ولا يَؤودُه شيء، فكتابةُ ألف كتاب أمر يسير
فكما أنه لا يمكن لحرفٍ إلّا أن يدل على كاتبه، ولا يمكن لنقشٍ إلّا أن ينبئ عن نقاشه، فكيف يمكن إذن ألّا يدل حرف كُتب فيه كتاب عظيم على كاتبه، ونقش نُقشَت ألوف النقوش على نقّاشه؟ ألا تكون دلالتُه أظهرَ وأوضحَ من دلالته على نفسه؟
البرهان السادس
تعالَ يا صديقي لنذهب إلى نـزهة نتجول في هذه الفلاة الواسعة (9) المفروشة أمامنا.. ها هو ذا جبل أشمّ، تعال لنصعد عليه حتى نتمكن من مشاهدة جميع الأطراف بسهولة، ولنحمِل معنا نظارات مكبّرة تقرب لنا ما هو بعيد عن أنظارنا. فهذه المملكة فيها من الأمور العجيبة والحوادث الغريبة ما لا يخطر على بال أحد. انظر إلى تلك الجبال والسهول المنبسطة والمدن العامرة، إنه أمر عجيب حقا إذ يتبدل جميعُها دفعة واحدة، بل إن ملايين الملايين من الأفعال المتشابكة تتبدل تبدلا بكل نظام وبكل تناسق، فكأن ملايين الأطوال من منسوجات ملونة رائعة تُنسج أمامنا في آن واحد.. حقا إن هذه التحولات عجيبة جدا. فأين تلك الأزاهير التي ابتسمت لنا والتي أنِسنا بها؟.. لقد غابتْ عنا، وحلّت محلَّها أنواع مخالفة لها صورةً، مماثلة ماهية. وكأن هذه السهول المنبسطة وهذه الجبال المنصوبة صحائفُ كتاب يُكتب في كلٍّ منها كتب مختلفة في غاية الإتقان دون سهو أو خطأ ثم تُمسح تلك الكتب ويُكتب غيرُها.. فهل ترى يا صديقي أن تبدّل هذه الأحوال وتحوّل هذه الأوضاع الذي يتم بكل نظام وميزان يحدث من تلقاء نفسه؟. أليس ذلك محالا من أشد المحالات؟
فلا يمكن إحالة هذه الأشياء التي أمامنا وهي في غاية الإتقان والصنعة إلى نفسها قط، فذلك محال في محال. بل هي أدلة واضحة على صانعها البديع أوضحَ من دلالتها على نفسها، إذ تبيّن أن صانعَها البديع لا يُعجزه شيء، ولا يَؤودُه شيء، فكتابةُ ألف كتاب أمر يسير
Yükleniyor...