وضوءك، ولم تطّلع عليه. فصلاتُك ووضوءُك في هذه الحالة صحيحان وحسنان في آن واحد. وعند المعتزلة: إنهما قبيحان وفاسدان حقيقةً، ولكنهما مقبولان منك لجهلك، إذ الجهل عذر.

وهكذا أيها الأخ المُبتلى، فأخذاً بمذهب أهل السنة والجماعة يكون عملُك صحيحا لا غبار عليه، نظرا لموافقته ظاهر الشرع. وإيّاك أن توسوس في صحة عملك، ولكن إياك أن تغتر به أيضا، لأنك لا تعلم علم اليقين، أهو مقبول عند الله أم لا؟.

الدواء الثاني: اعلم أنّ الإسلام دين الله الحق، دينُ يُسر لا حرج فيه، وأنّ المذاهب الأربعة كلها على الحق. فإن أدرك المرء تقصيرَه تلافاه بالاستغفار الذي هو أثقل ميزانا من الغرور الناشئ من إعجابه بالأعمال الصالحة. لذا فإن يرى مثل هذا الموسوس نفسَه مقصرا في عمله ويستغفر ربه خير له ألف مرة من أن يغتر إعجابا بعمله. فما دام الأمر هكذا، فاطرح الوساوس واصرخ في وجه الشيطان: إن هذا الحال حرج، وإن الاطلاع على حقيقة الأحوال أمر صعب جدا، بل ينافي اليسر في الدين، ويخالف قاعدة: «لا حَرجَ في الدين» و«الدين يُسر». ولابد أن عملي هذا يوافق مذهبا من المذاهب الإسلامية الحقة، وهذا يكفيني. حيث يكون وسيلة لأن ألقي بنفسي بين يدي خالقي ومولاي ساجدا متضرعا أطلب المغفرة، وأعترف بتقصيري في العمل، وهو السميع المجيب.

الوجه الخامس

وهو الوساوس التي تتقمص أشكال الشبهات في قضايا الإيمان:

فكثيرا ما يلتبس على الموسوس المحتار خلجات الخيال، فيظن أنها من بنات عقله. أي يتوهم أن الشبهات التي تنتاب خيالَه كأنها مقبولة لدى عقله، أي إنها من شبهات عقله، فيظن أنّ اعتقاده قد مسّه الخلل.. وقد يظن الموسوس أحيانا أخرى أن الشبهة التي يتوهمها إنما هي شكّ يضرّ بإيمانه.. وقد يظن تارة أخرى أن ما يتصوره من رؤى الشبهات كأن عقلَه قد صدّقه.. وربما يحسب أن كلّ تفكير في قضايا الكفر كفر، أي إنه يحسب أن كل تحرٍ وتمحيص، وكل متابعة فكرية ومحاكمة عقليه محايدة لمعرفة أسباب الضلالة أنه خلاف الإيمان. فأمام هذه التلقينات الشيطانية الماكرة يرتعش ويرتجف، ويقول: «ويلاه! لقد ضاع قلبي وفسد اعتقادي


Yükleniyor...