اسـتعمالها لإشـباع حاجات سـفلية لرغبات النفس الدنيئة في هـذه الحـياة الفانـيـة؟ حاشَ وكلا!!

بل إن خلق تلك اللطائف والحواس والمشاعر في وجودكم وإدراجَها في فطرتكم إنما يستند إلى أساسين اثنين:

الأول: أن تجعلكم تستشعرون بالشكر تجاه كلِّ نوع من أنواع النعم التي أسبغها عليكم المنعم سبحانه. أي عليكم الشعور بها والقيام بشكره تعالى وعبادته.

الثاني: أن تجعلكم تعرفون أقسام تجليات الأسماء الحسنى التي تعم الوجودَ كلَّه، معرفتُها وتذوقُها فردا فردا. أي عليكم الإيمان بتلك الأسماء ومعرفتها معرفة ذوقية خالصة.

وعلى هذين الأساسين تنمو الكمالات الإنسانية، وبهما يغدو الإنسان إنسانا حقا.

فانظر الآن من خلال هذا المثال لتعرف أن الإنسان بخلاف الحيوان لم يزوّد بالأجهزة لكسب هذه الحياة الدنيا فقط:

أعطى سيد خادمَه عشرين ليرة ليشتري بها بَدْلَةً لنفسه، من قماش معين. فراح الخادم واشتراها من أجود أنواع الأقمشة ولبسها. ثم أعطى السيد نفسه خادما آخر ألف ليرة ولكن وَضَعَ في جيبه ورقةَ تعليمات وأرسله للتجارة. فكل مَن يملك مِسْكةً من العقل يدرك يقينا أن هذا المبلغ ليس لشراء بدلة، إذ قد اشتراها الخادم الأول بعشرين ليرة! فلو لم يقرأ هذا الثاني ما كُتب له في الورقة، وأعطى كل ما لديه إلى صاحب حانوتٍ واشترى منه بدلة -تقليدا لصديقه الآخر- ومن أردإ أنواع البدلات، ألا يكون قد ارتكب حماقة متناهية، ينبغي تأديبه بعنف وعقابه عقابا رادعا؟

فيا صديقي الحميمَ، ويا نفسي الأمارةَ بالسوء!

استجمعوا عقولكم، ولا تهدروا رأس مال عمركم، ولا تبددوا طاقاتِ حياتكم واستعداداتها لهذه الدنيا الفانية الزائلة، وفي سبيل لذة مادية ومتاع حيواني.. فالعاقبة وخيمة، إذ تُردّون إلى دَرَكةٍ أدنى من أخسِّ حيوان، علما أن رأس مالِكم أثمنُ من أرقى حيوان!

فيا نفسي الغافلة! إن كنتِ تريدين أن تفهمي شيئا من: غاية حياتك، ماهيةِ حياتك،

Yükleniyor...