والخلاصة: لا خبرَ أصدقُ من هذا في العالم، ولا قضيةَ أصوبُ منها، ولا حقيقة أظهرَ منها ولا أوضح.
فالدنيا إذن مزرعة بلا شك، والمحشر بيدر، والجنة والنار مخزنان.
الحقيقة العاشرة
أمن الممكن لمالك الملك ذي الجلال الذي أظهر في دار ضيافة الدنيا الفانية هذه، وفي ميدان الامتحان الزائل هذا، وفي معرض الأرض المتبدل هذا، هذا القدرَ من آثار الحكمة الباهرة، وهذا المدى من آثار العناية الظاهرة، وهذه الدرجة من آثار العدالة القاهرة، وهذا الحد من آثار الرحمة الواسعة! ثم لا ينشئ في عالم مُلكه وملكوته مساكنَ دائمة، وسكنةً خالدين، ومقامات باقية، ومخلوقات مقيمين. فتذهب هباءا منثورا جميعُ الحقائق الظاهرة لهذه الحكمة، ولهذه العناية، ولهذه العدالة، ولهذه الرحمة؟.
وهل يعقل لحكيم ذي جلال اختار هذا الإنسان من بين المخلوقات، وجعله مخاطبا كليا له، ومرآة جامعة لأسمائه الحسنى، ومقدّرا لما في خزائن رحمته من ينابيع، ومتذوقا لها ومتعرفا إليها، والذي عرّف سبحانه ذاته الجليلة له بجميع أسمائه الحسنى، فأحبّه وحبّبه إليه.. أفمن المعقول بعد كل هذا أن لا يُرسل ذلك «الحكيم» جلّ وعلا هذا الإنسان المسكين إلى مملكته الخالدة تلك؟ ولا يُسعده في تلك الدار السعيدة بعد أن دعاه إليها؟
Yükleniyor...