أما محبتك للمناظر البهيجة ولا سيّما مناظر الربيع، فحيث إنها مشاهدة لبدائع صُنع الله والاطلاع عليها، فذهاب ذلك الربيع لا يزيل لذةَ المشاهدة ومتعة التفرج، إذ يترك وراءه معانيَه الجميلة، حيث الربيع أشبه ما يكون برسالة ربانية زاهية تُفتح للمخلوقات. فخيالك والزمن شبيهان بالشريط السينمائي يديمان لك لذة المشاهدة هذه، ويجددان دوما تلك المعاني التي تحملها رسالةُ الربيع. فلا يكون حبُّك إذن مؤقتا ولا مغمورا بالأسف والأسى، بل صافيا خالصا لذيذا ممتعا.

أما حبك للدنيا، فلأنه حب لله ولأجله سبحانه، فإن موجوداتها المثيرة للرعب والدهشة تصبح لك أصدقاء مؤنسين، ولأنك تتوجه إليها بالحب من حيث كونها مزرعة الآخرة، تستطيع أن تجني من كل شيء فيها ما يمكن أن يكون ثمرة من ثمار الآخرة، أو تغنم منها ما يمكن أن يكون رأس مال للآخرة. فمصائبُها إذن لا تخيفك وزوالُها وفناؤها لا يضايقك. وهكذا تقضي مدة أقامتك فيها، وأنت ضيف مكرم.. ولكن لو كان حبك لها كحب أرباب الغفلة، فقد قلنا لك مرارا: ستغرق نفسَك وتفنى بحبٍ ساحقٍ، خانق، زائل، لا طائل وراءه ولا نفع!.

وهكذا فقد حاولنا أن نُري لطيفةً واحدة من مئات اللطائف التي تعود لكلٍ مما ذكرتَه، عندما يكون حبك له وفق إرشاد القرآن الكريم، وأشرنا في الوقت نفسه إلى واحد من مئات أضرار ذلك الحب إن لم يكن وفق ما يأمر به القرآن الكريم.

∗ ∗ ∗


فإن كنت تريد أن تدرك نتائج هذه الأنواع المختلفة من المحبة في دار البقاء وعالم الآخرة، مثلما أشارت إليها الآيات البينات للقرآن الكريم، فسنبين لك بيانا مجملا فائدة واحدة أخروية من فوائد تلك الأنواع المشروعة من المحبة، وذلك في تسع إشارات، بعد أن نقدم بين يديها مقدمة:


Yükleniyor...