الموقف الثالث

بِسْمِ اللّٰهِ الرَّحْمٰنِ الرَّح۪يمِ

﹛﴿ وَاِنْ مِنْ شَيْءٍ اِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِه۪ ﴾|﹜ (الإسراء:٤٤)


هذا الموقف عبارة عن نقطتين وهي مبحثان

المبحث الأول

إن في كل شيء وجوها كثيرة جدا متوجهة -كالنوافذ- إلى الله سبحانه وتعالى، بمضمون الآية الكريمة: ﹛﴿ وَاِنْ مِنْ شَيْءٍ اِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِه۪ ﴾|﹜ إذ إن حقائقَ الموجودات وحقيقةَ الكائنات تستند إلى الأسماء الإلهية الحسنى، فحقيقةُ كل شيء تستند إلى اسم من الأسماء أو إلى كثيرٍ من الأسماء. وإن الإتقان الموجود في الأشياء يستند إلى اسم من الأسماء، حتى إن علمَ الحكمة الحقيقي يستند إلى اسم الله «الحكيم» وعلمَ الطب يستند إلى اسم الله «الشافي» وعلمَ الهندسة يستند إلى اسم الله «المقدّر».. وهكذا كلُّ علم من العلوم يستند إلى اسم من الأسماء الحسنى وينتهي إليه، كما أن حقيقةَ جميع العلوم وحقيقةَ الكمالات البشرية وطبقات الكمّل من البشر، تستند كلها إلى الأسماء الإلهية الحسنى. حتى قال أولياء محققون إن «الحقائق الحقيقية للأشياء، إنما هي الأسماء الإلهية الحسنى، أما ماهية الأشياء فهي ظلال تلك الحقائق» بل يمكن مشاهدةُ آثار تجلي عشرين اسما من الأسماء على ظاهر كل ذي حياة فحسب.

نحاول تقريب هذه الحقيقة الدقيقة والعظيمة الواسعة في الوقت نفسه إلى الأذهان بمثال، نصفّيه بمصافٍ ونحلله بمحلِّلات مختلفة، ومهما يطل البحث بنا فإنه يعدّ قصيرا، فينبغي عدم السأم:

إذا أراد فنان بارع في التصوير والنحت، رسمَ صورةِ زهرة فائقة الجمال، وعملَ تمثالِ حسناءَ رائعة الحسن، فإنه يبدأ أولَ ما يبدأ بتعيين بعضِ خطوطِ الشكل العام لكل منهما..

Yükleniyor...