في ما تحمله النباتاتُ والحيواناتُ على وجه الأرض من إعلانات ربانية (10) وأنصت إلى الداعين الأدلّاء إلى محاسن الربوبية وهم الأنبياء عليهم السلام والأولياء الصالحون، كيف أنهم يُرشدون جميعا الناسَ لمشاهدة كمال صنعة الصانع ذي الجلال بتشهيرهم صنعتَه البديعة ويلفتون أنظارهم إليها.

إذن، فلصانع هذا العالم كمال فـائـق عظيم مثير للإعجاب، خفيّ مـستتر، فهو يريـد إظهاره بهذه المصنوعات البديعة، لأن الكمال الخفي الذي لا نقص فيه ينبغي الإعلانَ عنه على رؤوس أشهـادٍ مقـدِّرين مسـتحسنين معجَبين بـه. وأن الكمال الدائـم يقتضي ظهورا دائما، وهذا بـدوره يستدعى دوامَ المستحسنين المعجَبين، إذ المعجَب الـذي لا يـدوم بقاؤه تـسقط في نظره قيمةُ الكمال. (11)

ثم إن هذه الموجودات العجيبة البديعة الدقيقة الرائعة المنتشرة في هذا الكون تدل بوضوح -كدلالة ضوء النهار على وجود الشمس- على محاسن الجمال المعنوي الذي لا مثيل له، وتُريك كذلك لطائفَ الحسن الخفي الذي لا نظير له. (12) وإن تجلي ذلك الحُسن الباهر المنـزّه، وذلك الجمال الزاهر المقدس يشير إلى كنوز كثيرة خفية موجودة في الأسماء الحسنى، بل في كل اسم منها.

ومثلما يطلب هذا الجمالُ الخفي السامي الذي لا مثيل له، أن يرى محاسنَه في مرآة عاكسة ويشهد قِيَم حُسنه ومقاييس جماله في مرآة ذات مشاعر وأشواق إليه، فإنه يريد الظهور والتجلي ليرى جمالَه المحبوب أيضا بأنظار الآخرين. أي إن النظر إلى جمال ذاته يستدعي أن يكون من جهتين:

Yükleniyor...