وقس على البلبل؛ بلابل النحل والعنكبوت والنمل والهوام والحيوانات الصغيرة، فلكلٍّ منها غايات كثيرة في أعمالها، أدرج فيها ذوق خاص، ولذة مخصوصة، كمرتّب وكمكافئة جزئية، فهي تخدم غايات جليلة لصنعة ربانية بذلك الذوق. فكما أن لعامل بسيط في سفينة السلطان مرتّبهُ الجزئي، كذلك لهذه الحيوانات التي تخدم الخدمات السبحانية مرتّبُها الجزئي.
تتمة لبحث البلبل
لا تحسبنّ أن هذه الوظيفة الربانية في الإعلان والدلالة والتغني بهزجات التسبيحات خاص بالعندليب. بل إنّ لكلِّ نوع من أكثر أنواع المخلوقات صنفا شبيها بالعندليب، له فرد لطيف أو أفراد يمثلون ألطفَ مشاعر ذلك النوع ويتغنّى بألطفِ التسبيحات بألطفِ السجَعات، ولا سيما أنواع الهوام والحشرات، فبلابلُها كثيرة، وعنادلُها متنوعة جدا، تُمتّع جميعَ مَن له آذان صاغية إليهم بدءًا من أصغر حيوان إلى أكبره، وتنثر على رؤوسهم تسبيحاتها بأجمل نغماتها.
وقسم من هذه البلابل ليلي، يكون الأنيس المحبوب والقاصّ المؤنس في ذلك الليل الساكن والموجودات الصامتة، للحيوانات الصغيرة التي خلَدت إلى الهدوء، حتى كأن كلا من تلك البلابل قطب في حلقة ذكرٍ خفي، وسط ذلك المجلس الذي انسحب كل فرد فيه إلى الهدوء والسكون ينصت إلى نوع من ذكر الله وتسبيحه، بقلبه المطمئن إلى الفاطر الجليل.
Yükleniyor...