فمثل هذه الأنواع من استغلال قابليات الطيور والانتفاع منها، واستنطاق الجمادات من هاتف وحاكٍ، تخط له الآية الكريمة المذكورة المدى الأقصى والغايةَ القُصوى.
فيقول الله سبحانه بالمعنى الرمزي لهذه الآيات الكريمة: يا بني الإنسان! لقد سخرتُ لعبدٍ من بني جنسكم، عبد خالص مخلص، سخرتُ له مخلوقات عظيمة في مُلكي وأنطقتُها له، وجعلتها خُدَّاما أمناء وجنودا مطيعين له، كي تُعصَمَ نبوّتُه، وتُصان عدالتُه في ملكه ودولته. وقد آتيتُ كلا منكم استعدادا ومواهبَ ليصبح خليفة الأرض، وأودعتُ فيكم أمانةً عُظمى، أبَتِ السماواتُ والأرضُ والجبالُ أن يحملنَها، فعليكم إذن أن تنقادوا وتخضعوا لأوامر مَن بيده مقاليدُ هذه المخلوقات وزمامُها، لتنقاد إليكم مخلوقاتُه المبثوثة في ملكه. فالطريق ممهَّد أمامكم إن استطعتم أن تقبضوا زِمام تلك المخلوقات باسم الخالق العظيم، وإذا سمَوتم إلى مرتبة تليق باستعداداتكم ومواهبكم.
فما دامت الحقيقة هكذا فاسعَ أيَّها الإنسان أن لا تنشغل بِلهوٍ لا معنى له، وبلعبٍ لا طائلَ من ورائه، كالانشغال بالحاكي والحمَام والببغاء.. بل اسعَ في طلب لَهوٍ من ألطفِ اللهو وأزكاه، وتَسلَّ بتسلية هي من ألذِّ أنواع التسلية.. فاجعل الجبال كالحاكي لأذكارك، كما هي لسيدنا داود عليه السلام، وشنّف سمعك بنغمات ذِكرٍ وتسبيح الأشجار والنباتات التي تُخرج أصواتا رقيقة عذبة بمجرد مَسِّ النسيم لها وكأنها أوتارُ آلاتٍ صوتية.. فبهذا الذِّكر العُلويِّ تُظهر الجبالُ لك ألوفا من الألسنة الذاكرة المسبِّحة، وتبرز أمامكَ في ماهية عجيبة من أعاجيب المخلوقات. وعندئذٍ تتزيا معظم الطيور وتَلبَسُ -كأنها هدهدُ سليمان- لباسَ الصديق الحميم والأنيس الودود، فتصبح خداما مطيعين لك. فتُسلّيك أيَّما تسلية، وتُلهيك لهوا بريئا لا شائبة فيه، فضلا عن أنّ هذا الذكر السَّامي يسوقك إلى انبساط قابلياتٍ ومواهبَ كانت مغمورةً في ماهيتك، فَتَحُولُ بينك وبين السقوط من ماهية الإنسان السامية ومقامه الرفيع، فلا تجذبك بَعدُ أضراب اللهو التي لا مغزى لها إلى حضيض الهاوية.
ومثلا: ﹛﴿ قُلْنَا يَا نَارُ كُون۪ي بَرْدًا وَسَلَامًا عَلٰٓى اِبْرٰه۪يمَ ﴾|﹜ (الأنبياء:٦٩).
هذه الآية الكريمة تبين معجزة سيدنا إبراهيم عليه السلام، وفيها ثلاث إشارات لطيفة:
أولاها: النار -كسائر الأسباب- ليس أمرها بيدها، فلا تعمل كيفما تشاء حسب هواها
فيقول الله سبحانه بالمعنى الرمزي لهذه الآيات الكريمة: يا بني الإنسان! لقد سخرتُ لعبدٍ من بني جنسكم، عبد خالص مخلص، سخرتُ له مخلوقات عظيمة في مُلكي وأنطقتُها له، وجعلتها خُدَّاما أمناء وجنودا مطيعين له، كي تُعصَمَ نبوّتُه، وتُصان عدالتُه في ملكه ودولته. وقد آتيتُ كلا منكم استعدادا ومواهبَ ليصبح خليفة الأرض، وأودعتُ فيكم أمانةً عُظمى، أبَتِ السماواتُ والأرضُ والجبالُ أن يحملنَها، فعليكم إذن أن تنقادوا وتخضعوا لأوامر مَن بيده مقاليدُ هذه المخلوقات وزمامُها، لتنقاد إليكم مخلوقاتُه المبثوثة في ملكه. فالطريق ممهَّد أمامكم إن استطعتم أن تقبضوا زِمام تلك المخلوقات باسم الخالق العظيم، وإذا سمَوتم إلى مرتبة تليق باستعداداتكم ومواهبكم.
فما دامت الحقيقة هكذا فاسعَ أيَّها الإنسان أن لا تنشغل بِلهوٍ لا معنى له، وبلعبٍ لا طائلَ من ورائه، كالانشغال بالحاكي والحمَام والببغاء.. بل اسعَ في طلب لَهوٍ من ألطفِ اللهو وأزكاه، وتَسلَّ بتسلية هي من ألذِّ أنواع التسلية.. فاجعل الجبال كالحاكي لأذكارك، كما هي لسيدنا داود عليه السلام، وشنّف سمعك بنغمات ذِكرٍ وتسبيح الأشجار والنباتات التي تُخرج أصواتا رقيقة عذبة بمجرد مَسِّ النسيم لها وكأنها أوتارُ آلاتٍ صوتية.. فبهذا الذِّكر العُلويِّ تُظهر الجبالُ لك ألوفا من الألسنة الذاكرة المسبِّحة، وتبرز أمامكَ في ماهية عجيبة من أعاجيب المخلوقات. وعندئذٍ تتزيا معظم الطيور وتَلبَسُ -كأنها هدهدُ سليمان- لباسَ الصديق الحميم والأنيس الودود، فتصبح خداما مطيعين لك. فتُسلّيك أيَّما تسلية، وتُلهيك لهوا بريئا لا شائبة فيه، فضلا عن أنّ هذا الذكر السَّامي يسوقك إلى انبساط قابلياتٍ ومواهبَ كانت مغمورةً في ماهيتك، فَتَحُولُ بينك وبين السقوط من ماهية الإنسان السامية ومقامه الرفيع، فلا تجذبك بَعدُ أضراب اللهو التي لا مغزى لها إلى حضيض الهاوية.
ومثلا: ﹛﴿ قُلْنَا يَا نَارُ كُون۪ي بَرْدًا وَسَلَامًا عَلٰٓى اِبْرٰه۪يمَ ﴾|﹜ (الأنبياء:٦٩).
هذه الآية الكريمة تبين معجزة سيدنا إبراهيم عليه السلام، وفيها ثلاث إشارات لطيفة:
أولاها: النار -كسائر الأسباب- ليس أمرها بيدها، فلا تعمل كيفما تشاء حسب هواها
Yükleniyor...