كلّها وتسمعون أحداثها وأخبارها من كل ناحية منها غير ناسين وظيفة عبوديتكم. تدبَّروا الآية الكريمة:

﹛﴿ هُوَ الَّذ۪ي جَعَلَ لَكُمُ الْاَرْضَ ذَلُولًا فَامْشُوا ف۪ي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِه۪ۜ وَاِلَيْهِ النُّشُورُ ﴾|﹜ (الملك:١٥).


وهكذا نرى كيف تومئ الآية الكريمة المتصدرة لهذا المثال إلى إثارة همّة الإنسان، وبعثِ اهتماماته لاكتشاف وسيلة يستطيع بها إحضار الصور والأصوات من أبعد الأماكن وأقصاها ضمن أدق الصناعات البشرية.

ومثلا: ﹛﴿ وَاٰخَر۪ينَ مُقَرَّن۪ينَ فِي الْاَصْفَادِ ﴾|﹜ (ص:٣٨)، ﹛﴿ وَمِنَ الشَّيَاط۪ينِ مَنْ يَغُوصُونَ لَهُ وَيَعْمَلُونَ عَمَلًا دُونَ ذٰلِكَۚ وَكُنَّا لَهُمْ حَافِظ۪ينَ ﴾|﹜ (الأنبياء:٨٢)

هذه الآيات الكريمة تفيد تسخير سيدنا سليمان عليه السلام الجنّ والشياطين والأرواح الخبيثة، ومنعه شرورهم واستخدامهم في أمور نافعة. فالآيات تقول: إنّ الجن الذين يلون الإنسان في الأهمية في سكنى الأرض من ذوي الشعور، يمكن أن يُصبحوا خداما للإنسان، ويمكن إيجاد علاقة ولقاء معهم، بل يمكن للشياطين أن يضعوا عداءَهم مع الإنسان ويخدموه مضطرين كما سخّرهم الله سبحانه وتعالى لعبد من عباده المنقادين لأوامره.

بمعنى أنّ الله سبحانه يخاطب الإنسان بالمعنى الرمزي لهذه الآيات: أيها الإنسان! إني أسخّر الجن والشياطين وأشرارهم لعبدٍ قد أطاعني واجعلهم منقادين إليه مسخرين له، فأنتَ إن سخّرت نفسَك لأمري وأطعتني، قد تُسخّر لك موجودات كثيرة بل حتى الجن والشياطين .

فالآية الكريمة تخط أقصى الحدود النهائية، وتعيّن أفضل السبل القويمة للانتفاع، بل تفتح السبيل أيضا إلى تحضير الأرواح ومحادثة الجن، الذي ترشحَ من امتزاج فنون الإنسان وعلومه، وتظاهرَ مما تنطوي عليه من قوى ومشاعر فوق العادة، المادية منها والمعنوية. ولكن ليس كما عليه الأمر في الوقت الحاضر حيث أصبح المشتغلون بهذه الأمور موضعَ استهزاء بل ألعوبة بيد الجن الذين ينتحلون أحيانا أسماءَ الأموات. وغدوا مسخّرين للشياطين والأرواح الخبيثة، وإنما يكون ذلك بتسخير أولئك بأسرار القرآن الكريم مع النّجاة من شرورهم.

ثم إن الآية الكريمة: ﹛﴿ فَاَرْسَلْنَٓا اِلَيْهَا رُوحَنَا فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَرًا سَوِيًّا ﴾|﹜ (مريم:١٧).


Yükleniyor...