والخلاصة: أنّ قسما من الآيات الكريمة يعلن منتهى الإتقان وغاية الحكمة في خلق الأشياء ولا سيما في بداية الخلق. وقسما آخر يبين السهولة المطلقة والسرعة المطلقة ومنتهى الانقياد وعدم الكلفة في إيجاد الأشياء ولاسيما في تكرار إيجادها وإعادتها.
الشعاع الثالث
يا نفسي الموسوسة! يا من تجاوزتِ حدّكِ ! إنك تقولين: إن قوله تعالى: ﹛﴿ مَا مِنْ دَٓابَّةٍ اِلَّا هُوَ اٰخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا ﴾|﹜ (هود:٥٦) وكذا قوله تعالى: ﹛﴿ بِيَدِه۪ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ ﴾|﹜ (يس:٨٣) وكذا قوله تعالى: ﹛﴿ وَنَحْنُ اَقْرَبُ اِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَر۪يدِ ﴾|﹜ (ق:١٦).. هذه الآيات الجليلة تبين منتهى القرب الإلهي بينما آيات أخرى مثل قوله تعالى: ﹛﴿ وَاِلَيْهِ تُرْجَعُونَ ﴾|﹜ (يس:٨٣) ﹛﴿ تَعْرُجُ الْمَلٰٓئِكَةُ وَالرُّوحُ اِلَيْهِ ف۪ي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْس۪ينَ اَلْفَ سَنَةٍ ﴾|﹜ (المعارج:٤) وكذا قول الرسول الكريم ﷺ في الحديث الشريف «..سبعين ألف حجاب» (4) وكذا حقيقة المعراج.. كل هذه تبين منتهى بُعْدِنا عنه سبحانه. فأريدُ إيضاحا لتقريب هذا السر الغامض إلى الأذهان؟
الجواب: ولهذا استمع:
أولا: لقد ذكرنا في ختام الشعاع الأول؛ أنّ الشمس بنورها غيرِ المقيّد، ومن حيث صورتها المنعكسة غيرِ المادية، أقربُ إليك من بؤبؤ عينك -التي هي مرآة لنافذة روحك- إلّا أنك بعيد عنها غاية البعد، لأنك مقيد ومحبوس في المادة. ولا يمكنك أن تمس إلّا قسما من صورها المنعكسة وظلالها ولا تقابل إلّا نوعا من جلواتها الجزئية، ولا تتقرب إلّا لألوانها التي هي في حكم صفاتها، ولطائفة من أشعتها التي هي بمثابة طائفة من أسمائها.
ولو أردتَ أن تتقربَ إلى المرتبة الأصلية للشمس، وأردتَ أن تقابلها بذاتها، لَزِمَ عليك التجردُ عن كثير جدا من القيود والمضي من مراتب كلية كثيرة جدا، وكأنك تَكْبُرُ معنىً -من حيث التجرد- بقدر الكرة الأرضية وتنبسط روحا كالهواء، وترتفع عاليا كالقمر، وتقابل الشمس كالبدر. ومن بعد ذلك يمكنك أن تدّعي نوعا من القرب دون حجاب.
وهكذا -ولله المثل الأعلى- فالجليل ذو الكمال والجلال، ذلك الواجب الوجود، الموجد
الشعاع الثالث
يا نفسي الموسوسة! يا من تجاوزتِ حدّكِ ! إنك تقولين: إن قوله تعالى: ﹛﴿ مَا مِنْ دَٓابَّةٍ اِلَّا هُوَ اٰخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا ﴾|﹜ (هود:٥٦) وكذا قوله تعالى: ﹛﴿ بِيَدِه۪ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ ﴾|﹜ (يس:٨٣) وكذا قوله تعالى: ﹛﴿ وَنَحْنُ اَقْرَبُ اِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَر۪يدِ ﴾|﹜ (ق:١٦).. هذه الآيات الجليلة تبين منتهى القرب الإلهي بينما آيات أخرى مثل قوله تعالى: ﹛﴿ وَاِلَيْهِ تُرْجَعُونَ ﴾|﹜ (يس:٨٣) ﹛﴿ تَعْرُجُ الْمَلٰٓئِكَةُ وَالرُّوحُ اِلَيْهِ ف۪ي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْس۪ينَ اَلْفَ سَنَةٍ ﴾|﹜ (المعارج:٤) وكذا قول الرسول الكريم ﷺ في الحديث الشريف «..سبعين ألف حجاب» (4) وكذا حقيقة المعراج.. كل هذه تبين منتهى بُعْدِنا عنه سبحانه. فأريدُ إيضاحا لتقريب هذا السر الغامض إلى الأذهان؟
الجواب: ولهذا استمع:
أولا: لقد ذكرنا في ختام الشعاع الأول؛ أنّ الشمس بنورها غيرِ المقيّد، ومن حيث صورتها المنعكسة غيرِ المادية، أقربُ إليك من بؤبؤ عينك -التي هي مرآة لنافذة روحك- إلّا أنك بعيد عنها غاية البعد، لأنك مقيد ومحبوس في المادة. ولا يمكنك أن تمس إلّا قسما من صورها المنعكسة وظلالها ولا تقابل إلّا نوعا من جلواتها الجزئية، ولا تتقرب إلّا لألوانها التي هي في حكم صفاتها، ولطائفة من أشعتها التي هي بمثابة طائفة من أسمائها.
ولو أردتَ أن تتقربَ إلى المرتبة الأصلية للشمس، وأردتَ أن تقابلها بذاتها، لَزِمَ عليك التجردُ عن كثير جدا من القيود والمضي من مراتب كلية كثيرة جدا، وكأنك تَكْبُرُ معنىً -من حيث التجرد- بقدر الكرة الأرضية وتنبسط روحا كالهواء، وترتفع عاليا كالقمر، وتقابل الشمس كالبدر. ومن بعد ذلك يمكنك أن تدّعي نوعا من القرب دون حجاب.
وهكذا -ولله المثل الأعلى- فالجليل ذو الكمال والجلال، ذلك الواجب الوجود، الموجد
Yükleniyor...