المهيب والعبودية الواسعة. بمعنى أن هذه الوظائف المتنوعة غير المتناهية وهذه العبادة التي لا نهاية لها تحتاج إلى ما لا يعد من أنواع الملائكة وأجناس الروحانيات. وكذا، بناءً على إشارة بعض الروايات والآثار، وبمقتضى حكمة انتظام العالم يصح القول:

إنّ قسما من الأجسام السيّارة ابتداءً من الكواكب السيارة وانتهاءً بالقطرات الدقيقة، مراكب لقسم من الملائكة، فهم يركبون تلك الأجسام -بإذن إلهي- ويتجولون في عالم الشهادة ويتفرجون عليه. (1)

ويصح القول أيضا: إن قسما من الأجسام الحيوانية ابتداءً من طيور الجنة الموصوفة بـ«طير خضر» -كما ورد في الحديث الشريف- (2) وانتهاءً بالذباب والبعوض في الأرض، طيارات لجنس من الأرواح، تدخل تلك الأرواح في أجوافها باسم الله «الحق» وتشاهدُ عالم الجسمانيات، وتُطلُّ من نوافذ حواسِ تلك المخلوقات مشاهدةَ معجزاتِ الفطرة الجسمانية.

فالخالق الكريم الذي يخلق باستمرار من التراب الكثيف والماء العكر مخلوقاتٍ ذوات إدراك منورة، وحياة نورانية لطيفة، لا ريب أن له مخلوقاتٍ ذوات إدراك وشعور يخلقها من بحر النور بل من بحر الظلمات، مما هو أليق للروح والحياة وأنسب لهما. بل هي موجودة بكثرة هائلة.

فإن شئت فراجع رسالة «نقطة من نور معرفة الله جلّ جلاله» و«الكلمة التاسعة والعشرين» فيما يخصُّ إثباتَ وجود الملائكة والروحانيات. فقد أثبتنا وجودهم إثباتا جازما قاطعا.

المرتبة الثانية

إن الأرض والسماوات ذاتُ علاقةٍ بعضها ببعض، كعلاقة مملكتين لدولة واحدة، فبينهما ارتباط وثيق ومعاملات مهمة، فما هو ضروري للأرض من الضياء والحرارة والبركة والرحمة وما شابهها تأتي كلُّها من السماء إلى الأرض، أي تُرسل من هناك.


Yükleniyor...