أي إنّ ألما موقتا لساعة من الزمان يترك لذة معنوية في الروح، بينما لذة موقتة لساعة من الزمان تترك ألما معنويا في الروح، خلافا لذلك.
فما دامت الحقيقة هذه، وساعات المصائب التي ولّت مع آلامها أصبحت في عِداد المعدوم، وأنّ أيام البلايا لم تأت بعدُ، فهي أيضا في حكم المعدوم.. وإنّه لا ألمَ من غير شيء.. ولا يَرِدُ من العدم ألم.. فمن البلاهة إذن إظهار الجزع ونفاد الصبر الآن، من ساعات آلامٍ ولّتْ، ومن آلامٍ لم تأتِ بعدُ، علما أنها جميعا في عِداد المعدوم. ومن الحماقة أيضا إظهار الشكوى من الله وترك النفس الأمارة المقصّرة من المحاسبة، ومن بعد ذلك قضاء الوقت بالحسرات والزفرات. أوَ ليس من يفعل هذا أشدُّ بلاهة ممن يداوم على الأكل والشرب طَوالَ اليوم خشيةَ أن يجوع أو يعطش بعد أيام؟
نعم، إنّ الإنسان إن لم يُشتِّتْ قوة صبره يمينا وشمالا -إلى الماضي والمستقبل- وسدّدها إلى اليوم الذي هو فيه، فإنها كافية لتحل له حبالَ المضايقات.
حتى إنني أذكر -ولا أشكو- أنّ ما مرَّ عليَّ في هذه المدرسة اليوسفية الثالثة (4) في غضون أيام قلائل من المضايقات المادية والمعنوية لم أرها طوال حياتي، ولاسيّما حرماني من القيام بخدمة النور مع ما فيّ من أمراض. وبينما كان قلبي وروحي يعتصران معا من الضيق واليأس إذا بالعناية الإلهية تمدني بالحقيقة السابقة، فانشرح صدري أيّما انشراح وولّت تلك المضايقات فرضيت بالسجن وآلامه والمرض وأوجاعه. إذ من كان مثلي على شفير القبر يُعدّ ربحا عظيما له أن تتحول ساعة من ساعاته التي يمكن أن تمر بغفلة إلى عشر ساعات من العبادة.. فشكرت الله كثيرا.
النقطة الثالثة: إن القيام بمعاونة المسجونين بشفقة ورأفة وإعطاءهم أرزاقهم التي يحتاجون إليها وضماد جراحاتهم المعنوية ببلسم التسلّي والعزاء، مع أنه عمـل بسيـط إلّا أنّه يحمل في طياته ثوابا جزيلا وأجرا عظيما. حيث إن تسليم أرزاقهم التي تُرسل إليهم من الخارج يكون بحكم صَدقة، وتكتب في سجل حسنات كل مَن قام بهذا العمل، سواءا الذين أتوا بها من الخارج أو الحراس أو المراقبون الذين عاونوهم، ولاسيّما إن كان المسجون شيخا كبيرا أو مريضا أو غريبا عن بلده أو فقيرا معدما، فإنّ ثواب تلك الصدقة المعنوية يزداد كثيرا.
فما دامت الحقيقة هذه، وساعات المصائب التي ولّت مع آلامها أصبحت في عِداد المعدوم، وأنّ أيام البلايا لم تأت بعدُ، فهي أيضا في حكم المعدوم.. وإنّه لا ألمَ من غير شيء.. ولا يَرِدُ من العدم ألم.. فمن البلاهة إذن إظهار الجزع ونفاد الصبر الآن، من ساعات آلامٍ ولّتْ، ومن آلامٍ لم تأتِ بعدُ، علما أنها جميعا في عِداد المعدوم. ومن الحماقة أيضا إظهار الشكوى من الله وترك النفس الأمارة المقصّرة من المحاسبة، ومن بعد ذلك قضاء الوقت بالحسرات والزفرات. أوَ ليس من يفعل هذا أشدُّ بلاهة ممن يداوم على الأكل والشرب طَوالَ اليوم خشيةَ أن يجوع أو يعطش بعد أيام؟
نعم، إنّ الإنسان إن لم يُشتِّتْ قوة صبره يمينا وشمالا -إلى الماضي والمستقبل- وسدّدها إلى اليوم الذي هو فيه، فإنها كافية لتحل له حبالَ المضايقات.
حتى إنني أذكر -ولا أشكو- أنّ ما مرَّ عليَّ في هذه المدرسة اليوسفية الثالثة (4) في غضون أيام قلائل من المضايقات المادية والمعنوية لم أرها طوال حياتي، ولاسيّما حرماني من القيام بخدمة النور مع ما فيّ من أمراض. وبينما كان قلبي وروحي يعتصران معا من الضيق واليأس إذا بالعناية الإلهية تمدني بالحقيقة السابقة، فانشرح صدري أيّما انشراح وولّت تلك المضايقات فرضيت بالسجن وآلامه والمرض وأوجاعه. إذ من كان مثلي على شفير القبر يُعدّ ربحا عظيما له أن تتحول ساعة من ساعاته التي يمكن أن تمر بغفلة إلى عشر ساعات من العبادة.. فشكرت الله كثيرا.
النقطة الثالثة: إن القيام بمعاونة المسجونين بشفقة ورأفة وإعطاءهم أرزاقهم التي يحتاجون إليها وضماد جراحاتهم المعنوية ببلسم التسلّي والعزاء، مع أنه عمـل بسيـط إلّا أنّه يحمل في طياته ثوابا جزيلا وأجرا عظيما. حيث إن تسليم أرزاقهم التي تُرسل إليهم من الخارج يكون بحكم صَدقة، وتكتب في سجل حسنات كل مَن قام بهذا العمل، سواءا الذين أتوا بها من الخارج أو الحراس أو المراقبون الذين عاونوهم، ولاسيّما إن كان المسجون شيخا كبيرا أو مريضا أو غريبا عن بلده أو فقيرا معدما، فإنّ ثواب تلك الصدقة المعنوية يزداد كثيرا.
Yükleniyor...