نعم، لما كانت الدنيا هي دار «الحكمة» والدار الآخرة هي دار «القدرة» فإن إيجاد الأشياء في الدنيا صار بشيء من التدريج ومع الزمن. بمقتضى الحكمة الربانية وبموجب أغلب الأسماء الحسنى أمثال «الحكيم، المرتّب، المدبر، المربي».
أما في الآخرة فإن «القدرة» و«الرحمة» تتظاهران أكثر من «الحكمة» فلا حاجة إلى المادة والمدة والزمن ولا إلى الانتظار. فالأشياء تُنشأ هناك نشأة آنية. وما يشير إليه القرآن الكريم بـ ﴿ وَمَٓا اَمْرُ السَّاعَةِ إِلَّا كَلَمْحِ الْبَصَرِ اَوْ هُوَ أَقْرَبُ ﴾ (النحل:٧٧)، هو أن ما ينشأ هنا من الأشياء في يوم واحد وفي سنة واحدة ينشأ في لمحةٍ واحدة كلمح البصر في الآخرة.
وإذا كنت ترغب أن تفهم أن مجيء الحشر أمر قطعي كقطعية مجيء الربيع المقبل وحتميته، فانعم النظر في «الكلمة العاشرة» و«الكلمة التاسعة والعشرين». وإن لم تصدق به كمجيء هذا الربيع، فلك أن تحاسبني حسابا عسيرا.
المسألة الرابعة:
وهي موت الدنيا وقيام الساعة، ومثالُه:
لو اصطدم كوكب سيار أو مذنّب بأمر رباني بكرتنا الأرضية التي هي دار ضيافتنا، لدمّرَ مأوانا ومسكننا -أي الأرض- كما يُدمّر في دقيقة واحدة قصر بُني في عشر سنوات.
Yükleniyor...