النقطة الثانية

تبين هذه النقطة بإيجاز شديد برهانا واحدا -من بين البراهين التي لا حصر لها- على حقيقة الحشر وهو ناشئ من خلاصة شهادة سائر الأركان الإيمانية. وعلى النحو الآتي.

إن جميع المعجزات الدالة على رسالة سيدنا محمد ﷺ مع جميع دلائل نبوته وجميع البراهين الدالة على صدقه، تشهد بمجموعها معا، على حقيقة الحشر، وتدل عليها وتُثبتها، لأن دعوتَه ﷺ طوال حياته المباركة قد انصبّت بعد التوحيد على الحشر. وأن جميع معجزاته وحججه الدالة على صدق الأنبياء عليهم السلام -وتحمل الآخرين على تصديقهم- تشهد على الحقيقة نفسها، وهي الحشر. وكذا شهادة «الكتب المنـزلة» التي رقّت الشهادةَ الصادرة من «الرسل الكرام» إلى درجة البداهة، تشهدان على الحقيقة نفسها. وعلى النحو الآتي:

فالقرآن الكريم -ذو البيان المعجِز- يشهد بجميع معجزاته وحججه وحقائقه -التي تثبت أحقيته- على حدوث الحشر ويثبته، حيث إن ثُلث القرآن بأكمله، وأوائل أغلب السور القصار، آيات جلية على الحشر. أي إن القرآن الكريم ينبئ عن الحقيقة نفسِها بآلاف من آياته الكريمة صراحة أو إشارةً ويثبتها بوضوح، ويظهرها بجلاء.

فمثلا: ﹛﴿ اِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ ﴾|﹜ (التكوير:١) ﹛﴿ يَٓا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّـكُمْ اِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَىْءٌ عَظ۪يمٌ ﴾|﹜ (الحج:١) ﹛﴿ اِذَا زُلْزِلَتِ الْاَرْضُ زِلْزَالَهَا ﴾|﹜ (الزلزال:١) ﹛﴿ اِذَا السَّمَٓاءُ انْفَطَرَتْ ﴾|﹜ (الانفطار:١) ﹛﴿ اِذَا السَّمَٓاءُ انْشَقَّتْ ﴾|﹜ (الانشقاق:١) ﹛﴿ عَمَّ يَتَسَٓاءَلُونَ ﴾|﹜ (النبأ:١) ﹛﴿ هَلْ أَتٰيكَ حَد۪يثُ الْغَاشِيَةِ ﴾|﹜ (الغاشية:١) فيثبت القرآن الكريم بهذه الآيات وأمثالها في مفتتح ما يقارب أربعين سورة أن الحشر لا ريب فيه، وأنه حَدث في غاية الأهمية في الكون، وأن حدوثه ضروري جدا ولابد منه، ويبين بالآيات الأخرى دلائل مختلفة مُقنعة على تلك الحقيقة.

تُرى إن كان كتاب تثمر إشارة واحدة لآيةٍ من آياتِه تلك الحقائق العلمية والكونية المعروفة بالعلوم الإسلامية، فكيف إذن بشهادة آلاف من آياته ودلائله التي تبين الإيمان بالحشر كالشمس ساطعة؟ ألا يكون الجحودُ بهذا الإيمان كإنكار الشمس بل كإنكار الكائنات قاطبة؟! ألا يكون ذلك باطلا ومُحالا في مائة محال؟!

Yükleniyor...