إلّا أنت، لأنك قد ضيقت عليهم الدنيا، وقطعتَ في كل فرصة مجاريَ حياتهم، وبثثت بينهم أولادك غير الشرعيين، وأجبرتَهم على ترك الدين للدنيا إذ تنكحهم مدنية لا تَأخذ مهرها إلّا من دينهم ولا تُعَيِّن حاكماً إلّا وقد أخذتَ منه دينه رشوة لقاءَ منصبه.

ومع ذلك فلو حكّمناك فينا بدلاً منهم، نصير كمن تنجس ثوبُه بماء نجس فيغسله ببول الخنزير.

إنك لا تُبقي لنا إلا حياةً حيوانية مؤقتة، وتقتل فينا حياتنا الإنسانية والإسلامية.

أما نحن فنحيا -على رغمك- بحياة الإسلام وشرف الإنسانية.

الخطوة الرابعة

يوسوس بالذات أو بالوساطة، فيقول:

إن الذين يخاصمونني من أولياء أموركم في الأناضول، (4) نيتُهم فاسدة ومقصدهم ليس مقاصدكم الإسلامية عينها.

نرد هذه الوسوسة فنقول:

إنهم وسائل، وتأثيرُ النيات في الوسائل قليل، إذ لا تغير حقيقةَ القصد. لأن المقصود يترتب على وجود الوسيلة وليس على ما فيها من نية.

فمثلاً: إني أحفر أرضاً لاستخراج الماء أو للعثور على كنز، وجاء أحدُهم وعاونني في الحفر بنية ستر نفسه في الحفرة أو بدفن شيء فيها، فنيتُه هذه لا تؤثر في وجدان الماء ولا الكنزِ، لأن خروج الماء يتوقف على فعل الحفر وليس على نية الحافر وقلبه.

نعم، إن قصد المخاصِمين لك وهدفَهم هو توجيه المسلمين شطرَ الكعبة لا إلى الغرب، والحفاظُ على مكانة القرآن الرفيعة ذلك الكتاب الآمر بإعلاء كلمة الله بالعزة الإسلامية. فهم يقيمون خصومةَ أوروبا مقام محبتها التي هي أساس كل مشاكلنا وسوء أخلاقنا. فكيفما تكن نيتُهم لا تغير حقيقةَ هذه المقاصد الثابتة.

Yükleniyor...