بل قد أصبح الواحد بسبب هذا اليأس يتخذ من فتور الآخرين وعدم مبالاتهم ذريعة للتملص من المسؤولية، ويخلد إلى الكسل قائلاً: «مالي وللناس، فكل الناس خائرون مثلي»، فيتخلى عن الشهامة الإيمانية ويترك العمل الجاد للإسلام.

فما دام هذا الداء قد فتك فينا إلى هذا الحد، ويقتلنا على مرآى منا، فنحن عازمون على أن نقتصّ مِنْ قاتلنا، فنضربَ رأس ذلك اليأس بسيف الآية الكريمة: ﹛﴿ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللّٰهِ ﴾|﹜ (الزمر:٥٣). ونقصم ظهره بحقيقة الحديث الشريف: «ما لا يدرك كله لا يترك جلّه». (11)

إن اليأس داء عضال للأمم والشعوب، أشبه ما يكون بالسرطان... وهو المانع عن بلوغ الكمالات، والمخالف لروح الحديث القدسي الشريف: «أنا عند ظن عبدي بي» .. (12) وهو شأن الجبناء والسفلة والعاجزين وذريعتهم، وليس هو من شأن الشهامة الإسلامية قط.. وليس هو من شأن العرب الممتازين بسجايا حميدة هي مفخرة البشرية. فلقد تعلّم العالم الإسلامي من ثبات العرب وصمودهم الدروس والعبر. وأملنا بالله عظيم أن يتخلى العرب عن اليأس ويَمدّوا يدَ العون والوفاق الصادق إلى الترك الذين هم جيش الإسلام الباسل فيرفعوا معاً راية القرآن عالية خفّاقة في أرجاء العالم، إن شاء الله.

الكلمة الثالثة: «الصدق أساس الإسلام»

لقد علمتني زبدةُ تتبعاتي وتحقيقاتي في الحياة بتمخض الحياة الاجتماعية أن «الصدق» هو أس أساس الإسلام، وواسطة العِقد في سجاياه الرفيعة ومزاج مشاعره العلوية. فعلينا إذن أن نحيي الصدق الذي هو حجر الزاوية في حياتنا الاجتماعية في نفوسنا ونداوي به أمراضنا المعنوية.

أجل، إن الصدق هو عقدة الحياة في حياة الإسلام الاجتماعية. أما الرياء فهو نوع من الكذب الفعلي، وأما المداهنة والتصنع فهو كذب دنيء مرذول. وأما النفاق فهو كذب ضار جداً. والكذب نفسه إنما هو افتراء على قدرة الصانع الجليل.

Yükleniyor...