الأرض اليومية والسنوية مع سكونها الظاهر، وتأملوا في غرائب الجاذبية العمومية بين النجوم، وانظروا إلى عجائب الكهرباء، وإلى غرائب الامتزاجات الكيمياوية بين العناصر التي تزيد على السبعين لتعرفوا الصانع الجليل.. لكان الدليلُ -الذي هو الصنعة- أخفى وأغمضَ من النتيجة التي هي الصانعُ. وما هذا إلّا مناف لقاعدة الاستدلال، لذا أُميلت بعضُ الظواهر وفق الأفكار، لأن هذا من قبيل مستتبع التراكيب ونوع من الكنايات، فلا تكون معانيها مدار صدق وكذب.

ألا ترى أن «قال» ألفه إن كان أصلها واواً أو قافاً لا يؤثر في شيء.

أيها الأخ!

أنصِفْ! ألا تكون هذه النقط الثلاث دلائل واضحة على إعجاز القرآن الذي نزل لجميع الناس في جميع الأعصار. نعم، [والذي علّم القرآن المعجِز، إن نظر البشير النذير وبصيرتَه النقادة أدقُّ وأجلُّ وأجلى وأنفذُ من أن يلتبس أو يشتبه عليه الحقيقة بالخيال، وإن مسلكه الحقَّ أغنى وأعلى وأنزهُ وأرفعُ من أن يُدلِّسَ أو يغالط على الناس].

نعم، أنّى للخيال أن يبين نفسَه حقيقةً تجاه القرآن الذي يتفجر نوراً.

نعم، إن مسلك القرآن هو الحق نفسُه، ومذهبُه عينُ الصدقِ، والحقُّ أغنى من أن يدلس أو يغالط الناس.

المسلك الخامس

هذا المسلك يخص الخوارق المعروفة المشهورة والمعجزات الظاهرة.

وكتبُ السيرة والتاريخ مشحونة بها. وقد أوفى العلماءُ الكرام حقَّه من التدوين والتفسير فجزاهم الله خيراً، وقد أحلنا التفصيل على كتبهم لأن تعليم المعلوم عمل ضائع.

إن الخوارق الظاهرة وإن كان كلُّ فرد منها غيرَ متواتر، ولكن جنسها، وكثيراً من أنواعها متواتر بالمعنى.

ثم إن هذه الخوارق على أنواع عدة:

Yükleniyor...