المسألة الخامسة

إن ما اشتهر من أن «جهنم تحت الأرض» ، (38) فنحن معاشر أهل السنة والجماعة لا نعيّن موضعَها على القطع واليقين، ولكن «التحتية» هي الظاهرة. (39)

وبناءً على هذا أقول وبالله التوفيق:

أولاً: إن كرتنا الأرضية ثمرةٌ من ثمرات شجرة العالم العظيمة، عظمةَ شجرة طوبى، كما أثمرت سائر نجومها. فما تحت الثمرة يشمل تحت جميع أغصان تلك الشجرة. وبناء على هذا ف«جهنم» تحت الأرض بين تلك الأغصان، فمُلك الله تعالى واسع، وشجرة الخليقة منتشرة، أينما كانت جهنم فلها موضع بينها ولا تقتضي مسافة التحتية طولاً ولا اتصالاً بالأرض.

وفي نظر الحكمة الجديدة، أن النار مستوليةٌ على أكثر ما في الكون، وهذا يشفّ عن أن أصلَ هذه النار وأساسَها جهنم، ترافق الإنسان إلى الخلود وفي طريقه إلى الأبد، وستمزَّق يوماً ما الستارُ، وتبرز إلى الميدان قائلة: تهيأوا!

وأودّ أن ألفت نظركم إلى هذه النقطة:

ثانياً: إن تحت الكرة وأسفَلها هو مركزها وجوفها، فعلى هذا فإن الأرض حبلى ببذرة شجرة زقوم جهنم، ستلدها يوماً ما. بل الأرض الطائرة في الفضاء ستبيض شيئاً كهذا، حتى إن لم تكن جهنم بتمامها في تلك البيضة فإن رأسها أو أيّ عضو منها مطويةٌ فيها بحيث تتحد مع الدركات وسائر الأعضاء منها يوم القيامة وتبرز على أهل العصيان جهنمُ مهولةً عجيبةً.

فيا هذا! الحسابُ والهندسة يمكنهما أن يأخذاك إلى موضع جهنم وإن لم تذهب أنت إليها؛ وذلك أن درجة الحرارة تتزايد درجة واحدة تقريباً في الأرض بكل ثلاثة وثلاثين متراً في باطن الأرض، بمعنى أن درجة الحرارة تكون في المركز ما يقرب من مئتي ألف درجة -في الأغلب- فنسبة هذه النار المركزية إلى درجة حرارتنا البالغة ألف درجة هي مئتا مرة.

Yükleniyor...