﹛﴿ وَلَا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا اَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللّٰهِ ﴾|﹜ (آل عمران:٦٤)


نورد نكتة واحدة من بين أُلوف نكات هذه الآية الكريمة:

إنه بقطع النظر عن مشرب الصوفية، فإن الإسلام يرفض الواسطة ويقبل الدليل، وينفي الوسيلة ويثبت الإمام؛ بينما غيره من الأديان يقبل الواسطة. فبناء على هذا السر الدقيق يستطيع النصراني أن يصبح متديناً إذا أشغل مقامات من حيث الثروة والمنصب. بينما في الإسلام: العوامُّ هم المتمسكون بالدين أكثر من ذوي الثروات والمناصب؛ وذلك لأن النصراني ذا المقام يحافظ على نصرانيته وأنانيته بقدر تعصبه في دينه، فلا ينقص ذلك من تكبره وغروره، بينما المسلم يبتعد عن التكبر والغرور بقدر تمسكه بالدين، بل ينبغي له أن يتنازل عن عزة المنصب.

ومن هنا فالنصرانية ربما تتمزق بهجوم العوام المظلومين على الظالمين الذين يَعُدّون أنفسهم خواص النصارى، حيث النصرانية تُعِين تحكّمهم. بينما الإسلام لا ينبغي أن يتزعزع لأنه ملك العوام أكثرَ من الخواص الدنيويين.

∗ ∗ ∗


﹛﴿ وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ اُخْرٰى ﴾|﹜ (الأنعام:١٦٤)


تُمثل هذه الآية الكريمة أعدل دستور في السياسة الشخصية والجماعية والقومية. أما الآية الكريمة: ﹛﴿ اِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا ﴾|﹜ (الأحزاب:٧٢) فتُبين استعدادَ الإنسان إلى الظلم الرهيب المغروز في فطرته.

والسر في ذلك هو: أن القوى والميول المودَعة في الإنسان لم تُحَدَّد، خلافاً للحيوان؛ لذا فإن الميل للظلم وحبّ الذات يتماديان كثيراً وبشكل مخيف.

نعم، إن حب الإنسان لنفسه، وتحريَ مصلحته وحده، وحبه لذاته وحده، من الأشكال الخبيثة ل«أنا والأنانية»، وإذا ما اقترن العناد والغرور بذلك الميل تولدت فظائع بشعة بحيث لم يعثر لها البشر على اسم بعدُ. وكما أن هذا دليل على وجوب وجود جهنم كذلك لا جزاء له إلّا النار.

ولنتناول هذا الدستور في:

Yükleniyor...