وثقوباً في جوانب ذلك الحوض وتلك الخزينة، وسحبوا موارد البقاء وأَسالوا مادة الحياة، فجففوا الحوض وأفرغوا الخزينة، فإذا استمر الأمر على هذا المنوال فستنهار الدولة تحت غَلَبة الديون البالغة المليارات. فكما أن الرجل إذا فقد كلاً من قواه الغضبية (الدافعة) وقواه الشهوية (الجاذبة) يصبح ميتاً وإن كان حياً يرزق.. وكما أن القطار إذا ثقب خزانه البخاري بثقوب يتعطل عن الحركة.. وكما أن المسبحة إذا انقطع خيطها تتبعثر حباتها.. كذلك الأمر في الأمة -التي هي شخصية معنوية- فإن الرؤساء الذين يجففون حوضَ قوتِها ويفرغون خزينة ثروتها ويقطعون حبل فكرها الملّي، يفتتّونها قِطَعاً وأوصالاً، ويجعلونها سائبة ذليلة دون كيان، عديم الوجود... نعم، [حقيقت كتم نمى كنم براى دل عامى جند]، فلا أجرح شعور الحقيقة لأجل فئة من العوام.
س: إن هذا المقام أجدر بالتفصيل، فلا تَدَعه مجملاً ومبهماً؟
ج: إن العهد السابق قد انتهز بداوتكم وجهلكم، وحاك خططاً، فاستغَلَّها قسم من الكبراء بأسلوب خبيث مستخدِمين القوةَ والإرغام، فثقبوا ذلك الكنز وذلك النبع، وأسالوا زلال الحياة في صحراء قاحلة وأرض سبخة، فما نبتَ ولا اخضرّ إلّا كسالى وانتهازيون، حتى كانوا يستغلون الضعف البشري والعواطف الحساسة لدى أولئك المساكين الذين مدّوا أيديهم إلى صيد صغير، بتنفيرهم من ثروة الدنيا لترتخي أظفارهم عن الصيد... فيفلت منهم، ليخطفوه هم بمخالبهم لأنفسهم.
نعم، إن لكل أمة سخاءً وكرماً وهو بذلُ مقدارٍ من ثروتها لمصلحة الأمة ومنفعتها، بيد أنه استُغل سخاء الأمة فينا استغلالاً سيئاً بخلاف سخاء الأمم الأخرى الذي يتخزن في جوفها حوضاً واسعاً ليسقي بستانَ العلوم والمعارف... وكذا من طبيعة كل أمة جسارة، لأجل المحافظة على شرف الأمة وصيانة عرضها. وقد أساء بعض الكبراء في العهد السابق استعمال هذه الجسارة فألقوها في صحراء الاختلاف وأضاعوها، وأَخَذَ كلٌّ يضرب عنق الآخر بغمدٍ من تلك القوة وغلاف منها، حتى كسروه... وهكذا انكسرت... حتى إنهم صرفوا -فيما بينهم- تلك القوةَ العظيمة المركبة من خمسمائة ألف من الأبطال المستعدين للحفاظ على شرف الأمة، فأبادوها في أرض الاختلافات جاعلين أنفسهم مستحقين للتأديب والتأنيب. فإن
س: إن هذا المقام أجدر بالتفصيل، فلا تَدَعه مجملاً ومبهماً؟
ج: إن العهد السابق قد انتهز بداوتكم وجهلكم، وحاك خططاً، فاستغَلَّها قسم من الكبراء بأسلوب خبيث مستخدِمين القوةَ والإرغام، فثقبوا ذلك الكنز وذلك النبع، وأسالوا زلال الحياة في صحراء قاحلة وأرض سبخة، فما نبتَ ولا اخضرّ إلّا كسالى وانتهازيون، حتى كانوا يستغلون الضعف البشري والعواطف الحساسة لدى أولئك المساكين الذين مدّوا أيديهم إلى صيد صغير، بتنفيرهم من ثروة الدنيا لترتخي أظفارهم عن الصيد... فيفلت منهم، ليخطفوه هم بمخالبهم لأنفسهم.
نعم، إن لكل أمة سخاءً وكرماً وهو بذلُ مقدارٍ من ثروتها لمصلحة الأمة ومنفعتها، بيد أنه استُغل سخاء الأمة فينا استغلالاً سيئاً بخلاف سخاء الأمم الأخرى الذي يتخزن في جوفها حوضاً واسعاً ليسقي بستانَ العلوم والمعارف... وكذا من طبيعة كل أمة جسارة، لأجل المحافظة على شرف الأمة وصيانة عرضها. وقد أساء بعض الكبراء في العهد السابق استعمال هذه الجسارة فألقوها في صحراء الاختلاف وأضاعوها، وأَخَذَ كلٌّ يضرب عنق الآخر بغمدٍ من تلك القوة وغلاف منها، حتى كسروه... وهكذا انكسرت... حتى إنهم صرفوا -فيما بينهم- تلك القوةَ العظيمة المركبة من خمسمائة ألف من الأبطال المستعدين للحفاظ على شرف الأمة، فأبادوها في أرض الاختلافات جاعلين أنفسهم مستحقين للتأديب والتأنيب. فإن
Yükleniyor...