لخلط «دائرة الاعتقاد» ب«دائرة المعاملات» وربما هذا هو ما يقصده ذلك القسم من «جون ترك».

س: نسمع كثيراً من الأخبار المؤسفة والحوادث السيئة، لاسيما من غير المسلمين.. كأن تزوج أحدهم بمسلمة.. وكذا وكذا في مكان، وكيت وكيت في مكان آخر، وحدث ما حدث في مكان... الخ...

ج: نعم، إن وقوع هذه الأمور السيئة الفاسدة وأمثالها أمر هو أقرب ما يكون بالضرورة -مع الأسف- في دولة مستجدة وغير مستقرة، وفي أمة جاهلة متخلفة، علماً أنه كان هناك أسوأ من هذه السيئات في الماضي، ولكنها كانت خافية عنّا، إلّا أنها ظهرت الآن للعيان. فالداء إذا ما ظهر يسهل علاجه. وكذا فالذي لا يرى من الأمور العظيمة إلّا التقصيرات، ينخدع ويخدع الآخرين بالخب الخبيث، إذ من شأنه إنبات سيئة واحدة وإثمارها كي تطغى على الحسنات، هذا وإن الطور العجيب لهذا الخب، هو أنه يجمع الأمور المتفرقة في الزمان والمكان ويوحّدها معاً، وينظر من خلال ذلك الحجاب الأسود إلى الأشياء. حقاً إن الخب بأنواعه المختلفة هو ماكنة الغرائب ومصنعها. ألا ترى أن عاشقاً خبّاً كيف يرى الكائنات تتراقص متضاحكة متحابة متجاذبة.. وأن والدة حزينة بوفاة طفلها كيف ترى الكائنات نادبة متباكية حزينة؟ فكلٌ يجني ما يشتهيه وما يلائمه. سأورد لكم مثلاً بهذه المناسبة:

تأملوا! إذا دخل أحدكم في بستان رائع جميل يشتمل على أنواع الأزاهير والثمرات، لأجل أن يتنزه فيه ويستجمّ ساعة من الزمان، وكان في بعض جوانب البستان بعض العفونات والنجاسات -حيث إن وجود النقص مع الكمال من مقتضيات هذا العالم وليس المبّرأ من النقص إلّا الجنة- فإنه لا يبحث ولا يتحرّى إلّا تلك العفونات ولا يديم النظر إلّا إلى تلك النجاسات، لانحراف في مزاجه. وكأن ليس في ذلك البستان الباهر إلّا تلك، ثم يتوسع ويتسنبل ذلك الخيال الفاسد بحكم التوهم والتخيل حتى يحسب أن ذلك البستان الرائع مَسْلَخٌ قذرٌ أو مزبلة وسخة، ويأخذه الدوار والغثيان، ويبدأ بالتقيؤ وينكص على عقبيه.

فيا ترى هل ترضى الحكمة والمصلحة بوجههما الصبوح أمثالَ هذا الخيال المنغّص للذة حياة البشر.


Yükleniyor...