س: لِمَ تفنّد جميعهم وتعدّهم فاسدين، مع أنهم يَبدون ناصحين لنا؟
ج: أروني مفسداً يقول: أنا مفسد، وما هو إلّا مفسد إلا أنه يتراءى في صورة الحق، أو يرى الباطل حقاً. نعم، ما من أحد يقول: مخيضي حامض..فلا تأخذوا شيئاً إلّا بعد إمراره على المحك، لأن أقوالاً مغشوشة مزيّفة قد كثرت في تجارة الأفكار..حتى كلامي أنا لا تأخذوه على علّاته -بحسن ظنكم- لأنه صادر عني؛ فقد أكون مفسداً، أو أُفسد من حيث لا أشعر، فعلى هذا تيقظوا! ولا تفتحوا الطريق إلى القلب لكل طارِق. فليظل ما أقوله لكم في يد خيالكم، واعرِضوه على المحك، فإن ظهر أنه ذَهَبٌ فأرسلوه إلى القلب، واحتفِظوه هناك، وإن ظهر أنه نحاس، فاحملوا على عاتق ذلك الكلام المنحوس كثيراً من الغيبة وشيِّعوه بسوء الدعاء عليّ ورُدُّوه خائباً إليّ.
س: لِمَ تسئ الظن بحُسن ظننا؟ فالسلاطين والحكومات السابقة ما استطاعوا أن يصرفوك عن الحق ولم يستطع كذلك أعضاءُ «جون تورك» (9) أن يكسبوك إلى صفوفهم، فلمْ تداهنهم، حتى ألقوك في السجن وكادوا يصلبوك، فما رضختَ لهم ولا خنعت أمامهم بل برزتَ بطلاً شهماً برفضك ما وعدوك من مرتّب ضخم... فأنت إذن بجانب الحق ولا تميل إلّا إليه، ولا تقول ما تقول انحيازاً إليهم.
ج: نعم، إن الذي عرف الحق، لا يستبدله بشيء، لأن شأن الحق رفيع وَسَامٍ، ما ينبغي أن يُضحّى به لأجل أي شيء كان، ولكني لا أقبل حسن ظنكم هذا، لأنكم قد تحسنون الظن بالمفسد أو المحتال. انظروا إلى دليل فكره ونتيجته.
س: كيف نعرف ذلك؟ ونحن جاهلون، نقلّد العلماء أمثالكم؟
ج: إن لم تكونوا من أهل العلم، فإنكم من أهل العقل. بدليل أنني لو تقاسمتُ الزبيبَ مع أحدكم فقد يغبنني بذكائه! فجهلُكم إذن ليس عذراً... اعلموا أن الأشجار المتشابهة تُميِزها ثمراتُها، لذا تَبَصَّروا في ثمرات أفكاري ونتاجِ أفكارهم، فقد تلألأت في أحدهما السلامة والطاعة، وتَسَتَّر في الآخر الاختلافُ والفساد. سأضرب لكم مثالاً آخر:
ج: أروني مفسداً يقول: أنا مفسد، وما هو إلّا مفسد إلا أنه يتراءى في صورة الحق، أو يرى الباطل حقاً. نعم، ما من أحد يقول: مخيضي حامض..فلا تأخذوا شيئاً إلّا بعد إمراره على المحك، لأن أقوالاً مغشوشة مزيّفة قد كثرت في تجارة الأفكار..حتى كلامي أنا لا تأخذوه على علّاته -بحسن ظنكم- لأنه صادر عني؛ فقد أكون مفسداً، أو أُفسد من حيث لا أشعر، فعلى هذا تيقظوا! ولا تفتحوا الطريق إلى القلب لكل طارِق. فليظل ما أقوله لكم في يد خيالكم، واعرِضوه على المحك، فإن ظهر أنه ذَهَبٌ فأرسلوه إلى القلب، واحتفِظوه هناك، وإن ظهر أنه نحاس، فاحملوا على عاتق ذلك الكلام المنحوس كثيراً من الغيبة وشيِّعوه بسوء الدعاء عليّ ورُدُّوه خائباً إليّ.
س: لِمَ تسئ الظن بحُسن ظننا؟ فالسلاطين والحكومات السابقة ما استطاعوا أن يصرفوك عن الحق ولم يستطع كذلك أعضاءُ «جون تورك» (9) أن يكسبوك إلى صفوفهم، فلمْ تداهنهم، حتى ألقوك في السجن وكادوا يصلبوك، فما رضختَ لهم ولا خنعت أمامهم بل برزتَ بطلاً شهماً برفضك ما وعدوك من مرتّب ضخم... فأنت إذن بجانب الحق ولا تميل إلّا إليه، ولا تقول ما تقول انحيازاً إليهم.
ج: نعم، إن الذي عرف الحق، لا يستبدله بشيء، لأن شأن الحق رفيع وَسَامٍ، ما ينبغي أن يُضحّى به لأجل أي شيء كان، ولكني لا أقبل حسن ظنكم هذا، لأنكم قد تحسنون الظن بالمفسد أو المحتال. انظروا إلى دليل فكره ونتيجته.
س: كيف نعرف ذلك؟ ونحن جاهلون، نقلّد العلماء أمثالكم؟
ج: إن لم تكونوا من أهل العلم، فإنكم من أهل العقل. بدليل أنني لو تقاسمتُ الزبيبَ مع أحدكم فقد يغبنني بذكائه! فجهلُكم إذن ليس عذراً... اعلموا أن الأشجار المتشابهة تُميِزها ثمراتُها، لذا تَبَصَّروا في ثمرات أفكاري ونتاجِ أفكارهم، فقد تلألأت في أحدهما السلامة والطاعة، وتَسَتَّر في الآخر الاختلافُ والفساد. سأضرب لكم مثالاً آخر:
Yükleniyor...