للإسلام. وحينما كان يبذل وسعه في هذا الميدان لم ينسَ السياسيين والمفكرين والصحفيين، فأجرى معهم لقاءات عديدة ناصحاً ومرشداً وموضحاً المنهجَ الإسلامي الصحيح الذي فيه خير البلاد وصلاح العباد. ولما أدرك أنه أفرغ جهده في مركز الخلافة (إسطنبول) توجّه إلى شرقي الأناضول سنة ١٩١٠م وبدأ بجولة واسعة بين مختلف العشائر الكردية والتركية، وعقد معهم اجتماعات وندوات يُجري فيها مناقشات حول أمور اجتماعية وسياسية، وبين لهم صلاحية «المشروطية» بالمفهوم الإسلامي. واختار معهم أسلوب الحوار السهل المستساغ والقريب إلى الأذهان، على الرغم من أنه قد أَورد جملاً أشبه ما يكون بالشفرات، ولفّع قِسماً من العبارات بالتشبيهات والمجازات، ووجّه الخطاب أحياناً إلى الأجيال المقبلة.
كان جلّ اهتمامه منصباً في تحطيم قيود اليأس وكسرِ أغلال القنوط التي كبّلت الناس، وكان يحاول جهده أن يُشعل بصيص الأمل وبريق الرجاء في نفوسهم. فضلاً عن وضعه لهم موازين شرعية ومنطقية لوزن الأحداث المستحدثة، بعقلية متوازنة إيمانية هادئة، بعيدة قدر الإمكان عن الانفعالات وردود الفعل.
دوّن الأستاذ النورسي هذه المحاورات بالتركية في رسالة طبعها في مطبعة «أبو الضياء» بإسطنبول سنة ١٩١٣م، ونَشَرها تحت اسم «بديع الزمانك مناظراتي» (مناظرات بديع الزمان) ثم ترجمها إلى العربية بنفسه ونشرها تحت عنوان «رجتة العوام» أي الوصفة الطبية للعوام. وجاءت هذه الترجمة مبهمة مغلقة العبارات، فاضطر الأستاذ أن يكتب في مقدمتها «معذرة طويلة الأذيال» جاء فيها قوله:
«إن هذه الرسالة العربية ترجمتُها من التركية، التي ترجمتها من الكردية، التي ارتجلتها لأسئلة الأكراد القرويين. فالمترجَم من المترجَم من المرتجل، من أمي (يقصد نفسه) لقرويين، لا يتملّس ولا يخلص من خشونة في المعنى واللفظ».
ولم تتح للأستاذ النورسي أن يعيد النظر في رسالته هذه إلّا بعد خمس وأربعين سنة من تأليفه لها، إذ عصَفتْ أعاصير مدمرة بالأمة الإسلامية عامة والتركية خاصة بعد دخول الدولة العثمانية الحربَ العالمية الأولى ودخولِ الأجانب في البلاد ثم الحروبِ الدامية في طردهم منها، حتى انتهى الأمر إلى إعلان الجمهورية وإلغاء الخلافة، وأعقب ذلك عداءٌ سافرٌ للدين،
كان جلّ اهتمامه منصباً في تحطيم قيود اليأس وكسرِ أغلال القنوط التي كبّلت الناس، وكان يحاول جهده أن يُشعل بصيص الأمل وبريق الرجاء في نفوسهم. فضلاً عن وضعه لهم موازين شرعية ومنطقية لوزن الأحداث المستحدثة، بعقلية متوازنة إيمانية هادئة، بعيدة قدر الإمكان عن الانفعالات وردود الفعل.
دوّن الأستاذ النورسي هذه المحاورات بالتركية في رسالة طبعها في مطبعة «أبو الضياء» بإسطنبول سنة ١٩١٣م، ونَشَرها تحت اسم «بديع الزمانك مناظراتي» (مناظرات بديع الزمان) ثم ترجمها إلى العربية بنفسه ونشرها تحت عنوان «رجتة العوام» أي الوصفة الطبية للعوام. وجاءت هذه الترجمة مبهمة مغلقة العبارات، فاضطر الأستاذ أن يكتب في مقدمتها «معذرة طويلة الأذيال» جاء فيها قوله:
«إن هذه الرسالة العربية ترجمتُها من التركية، التي ترجمتها من الكردية، التي ارتجلتها لأسئلة الأكراد القرويين. فالمترجَم من المترجَم من المرتجل، من أمي (يقصد نفسه) لقرويين، لا يتملّس ولا يخلص من خشونة في المعنى واللفظ».
ولم تتح للأستاذ النورسي أن يعيد النظر في رسالته هذه إلّا بعد خمس وأربعين سنة من تأليفه لها، إذ عصَفتْ أعاصير مدمرة بالأمة الإسلامية عامة والتركية خاصة بعد دخول الدولة العثمانية الحربَ العالمية الأولى ودخولِ الأجانب في البلاد ثم الحروبِ الدامية في طردهم منها، حتى انتهى الأمر إلى إعلان الجمهورية وإلغاء الخلافة، وأعقب ذلك عداءٌ سافرٌ للدين،
Yükleniyor...