كان جلّ اهتمامه منصباً في تحطيم قيود اليأس وكسرِ أغلال القنوط التي كبّلت الناس، وكان يحاول جهده أن يُشعل بصيص الأمل وبريق الرجاء في نفوسهم. فضلاً عن وضعه لهم موازين شرعية ومنطقية لوزن الأحداث المستحدثة، بعقلية متوازنة إيمانية هادئة، بعيدة قدر الإمكان عن الانفعالات وردود الفعل.
دوّن الأستاذ النورسي هذه المحاورات بالتركية في رسالة طبعها في مطبعة «أبو الضياء» بإسطنبول سنة ١٩١٣م، ونَشَرها تحت اسم «بديع الزمانك مناظراتي» (مناظرات بديع الزمان) ثم ترجمها إلى العربية بنفسه ونشرها تحت عنوان «رجتة العوام» أي الوصفة الطبية للعوام. وجاءت هذه الترجمة مبهمة مغلقة العبارات، فاضطر الأستاذ أن يكتب في مقدمتها «معذرة طويلة الأذيال» جاء فيها قوله:
«إن هذه الرسالة العربية ترجمتُها من التركية، التي ترجمتها من الكردية، التي ارتجلتها لأسئلة الأكراد القرويين. فالمترجَم من المترجَم من المرتجل، من أمي (يقصد نفسه) لقرويين، لا يتملّس ولا يخلص من خشونة في المعنى واللفظ».
ولم تتح للأستاذ النورسي أن يعيد النظر في رسالته هذه إلّا بعد خمس وأربعين سنة من تأليفه لها، إذ عصَفتْ أعاصير مدمرة بالأمة الإسلامية عامة والتركية خاصة بعد دخول الدولة العثمانية الحربَ العالمية الأولى ودخولِ الأجانب في البلاد ثم الحروبِ الدامية في طردهم منها، حتى انتهى الأمر إلى إعلان الجمهورية وإلغاء الخلافة، وأعقب ذلك عداءٌ سافرٌ للدين،
Yükleniyor...