وبناء على هذا فإن تفسير أو ترجمة الآيات والأحاديث لا يبينان حسن بلاغتهما. وكأن لديهم أن قرينة المجاز امتناع الحقيقة عقلاً.. بينما القرينة المانعة كما يمكن أن تكون عقلاً يمكن أن تكون حساً وعادةً ومقاماً وبأشياء أخرى.
فإن شئت فادخل من الباب الواحد والعشرين بعد المئتين من «دلائل الإعجاز» تلك الجنة الفردوس، ترَ أن ذلك الداهية عبد القاهر الجرجاني(∗) قد أخذ إلى جانبه أمثال هؤلاء المتعسفين يوبّخهم ويعنفهم.
البلاء السابع: هو حصرهم العَرَضَ (46) كالحركة على الذاتي، (47) والأينية (48) مما نكّر المعرَّف ولزم إنكار الوصف الجاري على غير مَن هو له. وبهذا حادت شمس الحقيقة عن جريانها. أمَا نظر هؤلاء إلى أساليب العرب، كيف يقولون: صادفتنا الجبال، ثم فارقتنا.. تراءت لنا وبعُدَت عنا.. والبحر أيضاً ابتلع الشمس... الخ. وكم يقلبون الخيال لأسرار بيانية كما في المفتاح للسكاكي،(∗) وهذا لطافة بيانية مؤسسة على مغالطة وهمية، بسرّ الدوران. (49)
وسأبين هنا مثالين مهمين لينسج على منوالهما: ﹛﴿ وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّمَٓاءِ مِنْ جِبَالٍ ف۪يهَا مِنْ بَرَدٍ ﴾|﹜ (النور:٤٣) ﹛﴿ وَالشَّمْسُ تَجْر۪ي لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا ﴾|﹜ (يس:٣٨).
هاتان الآيتان الكريمتان جديرتان بالملاحظة والتدبر؛ لأن الجمود على الظاهر جحود بحق البلاغة، إذ الاستعارة البديعة في الآية الأولى تتوقد بحيث تذيب الجمود المتجمد، وتشق كالبرق ستار سحب الظاهر. أما البلاغة في الآية الثانية فهي مستقرة وقوية ولامعة بحيث تقف الشمس لمشاهدتها.
فالآية الأولى نظيرتها: ﹛﴿ قَوَار۪يرَ مِنْ فِضَّةٍ ﴾|﹜ (الإنسان:١٦) التي تضمنت استعارةً بديعة مثلها، وذلك: كما أن أواني الجنة ليست زجاجاً فهي ليست فضة كذلك، بل مباينة الزجاج للفضة قرينة الاستعارة البديعة. أي إن الزجاج بشفافيته والفضة ببياضها ولمعانها كأنهما
فإن شئت فادخل من الباب الواحد والعشرين بعد المئتين من «دلائل الإعجاز» تلك الجنة الفردوس، ترَ أن ذلك الداهية عبد القاهر الجرجاني(∗) قد أخذ إلى جانبه أمثال هؤلاء المتعسفين يوبّخهم ويعنفهم.
البلاء السابع: هو حصرهم العَرَضَ (46) كالحركة على الذاتي، (47) والأينية (48) مما نكّر المعرَّف ولزم إنكار الوصف الجاري على غير مَن هو له. وبهذا حادت شمس الحقيقة عن جريانها. أمَا نظر هؤلاء إلى أساليب العرب، كيف يقولون: صادفتنا الجبال، ثم فارقتنا.. تراءت لنا وبعُدَت عنا.. والبحر أيضاً ابتلع الشمس... الخ. وكم يقلبون الخيال لأسرار بيانية كما في المفتاح للسكاكي،(∗) وهذا لطافة بيانية مؤسسة على مغالطة وهمية، بسرّ الدوران. (49)
وسأبين هنا مثالين مهمين لينسج على منوالهما: ﹛﴿ وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّمَٓاءِ مِنْ جِبَالٍ ف۪يهَا مِنْ بَرَدٍ ﴾|﹜ (النور:٤٣) ﹛﴿ وَالشَّمْسُ تَجْر۪ي لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا ﴾|﹜ (يس:٣٨).
هاتان الآيتان الكريمتان جديرتان بالملاحظة والتدبر؛ لأن الجمود على الظاهر جحود بحق البلاغة، إذ الاستعارة البديعة في الآية الأولى تتوقد بحيث تذيب الجمود المتجمد، وتشق كالبرق ستار سحب الظاهر. أما البلاغة في الآية الثانية فهي مستقرة وقوية ولامعة بحيث تقف الشمس لمشاهدتها.
فالآية الأولى نظيرتها: ﹛﴿ قَوَار۪يرَ مِنْ فِضَّةٍ ﴾|﹜ (الإنسان:١٦) التي تضمنت استعارةً بديعة مثلها، وذلك: كما أن أواني الجنة ليست زجاجاً فهي ليست فضة كذلك، بل مباينة الزجاج للفضة قرينة الاستعارة البديعة. أي إن الزجاج بشفافيته والفضة ببياضها ولمعانها كأنهما
Yükleniyor...