فاتبع «إبراهيم حقي»(∗) واذهب إلى حجة الإسلام الإمام الغزالي واستَفتِه قائلاً: هل في كروية الأرض مشاحة؟ فسيقول لك حتماً: «المشاحة إن لم تقبل بها» إذ قد بعث فتواه منذ عصره أنه من أنكر أمراً ثابتاً بالبرهان القطعي ككروية الأرض بحجة الحفاظ على الدين، فقد جَنى على الدين جنايةً عظمى؛ فهذا ليس وفاءً للإسلام بل خيانة له.

وإن كنت أميّاً لا تجيد قراءة الفتوى، فاستمع إلى مُعاصرنا وأخينا في الفكر، السيد حسين الجسر(∗) إنه يعنّف منكِر الكروية ويقول بقوة الحق ودون تردد: «من كان ينكِر كروية الأرض مستنداً إلى الدين في سبيل حمايته، فهو صديقٌ أحمقُ، أضرُّ على الدين من العدو الألد».

فإن لم يُفِق فكرُك الباحث عن الحقيقة من رقدته، بهذا الصوت القوي ولم تستطيع عينُك الانفتاح، فخذ بيد ابن همام(∗) وفخر الإسلام(∗) وأمثالهم واذهب إلى الإمام الشافعي(∗)، واستفته في مسألة في الفقه: تؤدّى الفرائضُ الخمس في وقت واحد وهناك قوم لا وقت عشاء لهم أحياناً، كيف يصلون العشاء؟ وهناك قوم لا تغرب عليهم الشمسُ أياماً أو لا تطلع لياليَ، كيف يصومون؟ واستفسره: كيف ينطبق تعريف الشرط الشرعي وهو ما يقارن كل ما سواه من الأركان، على شرطية استقبال القبلة في الصلاة؟ علماً أن المقارنة هي في القيام وحدَه وفي نصف القعود؟ فاطمئن أنه -أي الإمام الشافعي- يجيبك عن المسألة الأولى بكروية الدائرة المارّة من الشرق والغرب، وعن المسألة الثانية والثالثة بتقوّس الدائرة الممتدة من الجنوب إلى الشمال. أي يفتيك بما أعطاك البرهان العقلي. ويقول عن مسألة القبلة: «ما القبلةُ إلّا عمودٌ نوراني قد نظّم السماوات إلى العرش وثَقَب طبقاتِ كرة الأرض إلى الفرش». (25)

فلو كُشف الغطاءُ لَصافح شعاعُ عينك القبلةَ نفسَها في كل حركة من حركات صلواتك.

أيها الأخ..! لا قيمة لأوهامك العجيبة كي تَدخل في القلب، لأنك لم تجد لها موضعاً سوى عالَم الخيال، فضلاً عن أنك لا تصدّقه، بل لا تتمكن حتى من إقناع نفسك بها.. بيد أنك زغت.. فإن كان قلبُك المفتوح للخيالات والمقفل تجاه الحقيقة، لا يسع الكرة الأرضية التي هي أصغر بكثير مما تتخيلها، فوسِّع أُفقَ نظرك ليتوسع ذهنُك، ثم شاهِد سكان الأرض كمجلس واحد واسألهم، فإن صاحب البيت أدرى بما فيه. فإنهم يجيبونك بالمشاهدة والتواتر بلسان واحد:


Yükleniyor...