مثال ذلك: ورد في الحديث الشريف: «بعثتُ أنا والساعة كهاتين» . (18) أي لا نبيَّ بعدي إلى قيام الساعة.. فأياً كان المقصود من الحديث فهو حق.

فهذا الحديث الشريف يتضمن ثلاث قضايا:

أولاها: أن هذا الكلام هو كلام النبي ﷺ..

هذه القضية هي نتيجة التواتر إن كان (أي إن كان الحديث متواتراً).

ثانيتها: أن المعنى المراد من هذا الكلام حقٌّ وصدق..

هذه القضية هي نتيجة للبرهان المستند إلى معجزاته ﷺ فلا يصدر عنه غير الصدق. فينبغي الاتفاق في هاتين القضيتين، لأن مَن ينكر الأولى فهو كاذب مكابر، أما الذي ينكر الثانية فهو ضال قد هوى في الظلمات.

القضية الثالثة: أن المراد من هذا الكلام هو هذا (أي الذي أسوقه).. فها هو الدرّ الموجود في هذا الصدف.

هذه القضية هي نتيجة الاجتهاد، لا التشهي؛ إذ من المعلوم أن المجتهد ليس مكلّفاً بتقليد غيره من المجتهدين.

هذه القضية الثالثة هي منبع الاختلافات. وأصدق شاهد على ذلك هو ما نراه من الأقوال المتضاربة (في مسألة واحدة).

فالذي ينكر هذه القضية لا يكون مكابراً ولا ضالاً، ولا ينساق إلى الكفر، إن كان إنكاره نابعاً من الاجتهاد؛ إذ العام لا ينتفي بانتفاء الخاص، وكم من قطعي المتن ظنّي الدلالة.. فلا بد من الدخول إلى البيوت من أبوابها، فإنّ لكلٍّ باباً، ولكل قفل مفتاحاً.

خاتمة:

هذه القضايا الثلاث تجري في الآية جرَيانَها في الحديث الشريف، حيث إنها قضايا عامة. إلّا أن الأولى منها فيها فرق دقيق.


Yükleniyor...