الأول: أن الحيلة والإفساد إنما تؤثران إذا استترتا تحت حجاب الخفاء والغفلة، فإذا ما تظاهرتا أفلستا، وانطفأت قوتهما.. وها قد تمزق الحجاب تمزقاً صيّر كذبَك وهذيانك وإفسادك أضحوكة وشيئاً عقيماً لا يؤثر في شيء.

الثاني: أن قوتك المأفونة المنخورة المخاصِمة لنا ليست بلا أعداء إذ تُقابلها أعداء لا يقبلون الائتلاف معك أبداً، مما يقضي عليها ويجعل تسعين بالمئة منها معطّلة لا نفع فيها. أما بقية قوتك فلا يمكنها أن تديم -كما أدامت في الماضي- استبداداتٍ قاتمة تجثم على عالم الإسلام وتسكته بكمّ الأفواه وتأسره حتى تتركه دون حراك، ذلك العالم اليقظ الذي تشترك أجزاؤه في الداء والدواء.

فهذا احتمال بعيد جداً، إن اعتقدته فإنك إذن أحط من الدابة وأحمقُ من الحمار مع أنك شيطان خبيث.

الثالث: إن كان لابد من الهلاك بيدك فالموت بعزّةٍ حياةٌ لنا، والحياةُ بذلٍّ هي الموت بعينه. والموت على نوعين وصورتين:

أحدهما: التسليم والتذلل تحت أقدامك، فحينها نكون قاتلين لروحنا ووجداننا بأيدينا. ثم يقتل الخصمُ جسدنا كأنه قصاص لقتلنا الروحَ والوجدانَ.

والنوع الثاني: أن يحافظ المرء على وجدانه ويقاوم خصمه، ويبصق في وجهه ويُنزل صفعته على عينه، فيحيا الروح والوجدان، ويستشهد الجسد، وتتنزه الفضيلة عن الرذيلة والعقيدةُ عن الاستخفاف وعزةُ الإسلام عن الاستهزاء.

وحاصل الكلام:

إن محبة الإسلام توجب عداءكم وخصومتكم، إذ كيف يصالح جبرائيلُ (عليه السلام) عزازيلَ (الشيطان)!

إن أشد العقول بلاهةً عقلٌ يرى إمكان التوفيق والتلاؤم بين أطماع (الإنكليز) ومنافعِهم وبين عزة الإسلام ومصلحته.

وإن أكثر القلوب حماقةً قلبٌ يظن إمكان الحياة تحت حمايتهم إذ يعلقون حياتنا بشرطٍ

Yükleniyor...