خلق العالم. أما الشر والقبح والباطل، فهي أمور تبعية ومغلوبة ومغمورة، وحتى لو كانت لها الصولةُ فهي صولة موقتة.

وقد ثبت أيضاً: أن أكرم الخلق بنو آدم؛ تشهد له استعداداتُه ومهاراته...

وأن أشرف بني آدم هم المسلمون الصادقون، وهم أهلُ الحق والحقيقة، تشهد لهم حقائق الإسلام، كما ستصدّقهم وقائعُ المستقبل.

وثبت أيضاً: أن أكمل الكلّ هو محمد ﷺ، تشهد له معجزاتُه وأخلاقه السامية، كما يصدّقه علماء البشر المحققون، بل يسلّم له أعداؤه، وعليهم أن يسلّموا.

فإذ هذه الثلاثة هكذا، أيقتدر نوع البشر بشقاوته على جَرح شهادة تلك العلوم، ونقض الاستقراء التام، والتمرّد على مشيئة ربه؟.. كلا.. لا يقتدر ولن يقتدر.

أُقسم باسم الرحمن الرحيم العادل الحكيم، أن البشرية لن تستطيع أن تهضم بسهولة وسلامةٍ، الشرَّ والقبح والباطل، ولن تسمح لها الحكمةُ الإلهية. لأن من يتعدى على حقوق الكائنات العامة لا يُعفى عنه، ولا يُسمح بعدم إنزال العقاب عليه.

نعم، إن تغلُّب الشر طوال ألوف السنين، لا يؤدي إلّا إلى مغلوبية مطلقة لألف سنة في الأقل، محصورةٍ في الدنيا... أما في الآخرة فسيحكم الخيرُ على الشر بالإعدام الأبدي! وإلّا -لو لم يكن الأمر هكذا- فإن سائر الأنواع والأجناس المنظمة المكملة المنقادة للأوامر الإلهية المنتظمة، لا يَقبلون بين ظهرانيهم هذا الإنسان الشقي الكنود، بل يُسقطون حقَّ وجوده بينهم، وينفونه إلى مأوى العدم والظلمات، ويطردونه من وظيفة الخلق الفطرية. لأن غلبةَ الشر على الخير تستلزم عبثيةَ القابليات والميول المودعة في استعدادات البشر ليسود العالم وينال السعادة الأبدية في الآخرة، والحال أن العبثَ مناقضٌ للاستقراء التام، كما أنه منافٍ لحكمة الصانع الحكيم، ومخالفٌ لحكم النبي الصادق الأمين ﷺ.

وسيصفِّي المستقبلُ قسماً من هذه الدعاوى، أما تصفيتُها النهائية فستشاهَد في الآخرة، ذلك لأن المستقبل هو ميدان تغلُّب الحسنِ والحق النوعي والعمومي، بغض النظر عن الأشخاص. فإن مِتنا، فأُمّتنا باقية.. لا نرضى بالظهور والنصر لأربعين سنة بل نريد ألفاً من السنين في الأقل.

Yükleniyor...