من القواد الدهاة الذين تشرف كلٌ بمنزلة الآخر فعاشوا معاً كعائلة واحدة.. هذه الملية الإسلامية وهي مثال الحياة الرفيعة.. تأمركم أمراً جازماً:
بأنّ على كل واحد منكم أن يكون مرآة عاكسة للإسلام وحامي ذماره، ومثالاً مشخَّصاً للأمة الإسلامية، إذ الهمة تتعالى بعلو المقصد، والأخلاقُ تتسامى وتتكامل بغليان الحمية الإسلامية.
ثم إن المشروطية المشروعة التي هي سبب من أسباب سعادة البشر الدنيوية نجّت الإرادة الجزئية التي هي القوة الدافعة لماكنة الحياة، من تسلط الاستبداد بضمانها سيادة الأمة. هذه المشروطية التي اختمرت بخميرة الشورى الشرعية تدعوكم إلى الاختبار والامتحان، وتريد أن تراكم أنكم قد بلغتم سن الرشد فلا تحتاجون إلى وصاية، فهيئوا أنفسكم للامتحان. وأثبتوا وجودكم بالاتحاد، وبينوا لها أن فكركم ووجدانكم الشخصيَيْنِ هما كقلب الأمة وعقلها المشترك بالحمية الدينية الملية. وبخلافه ستلغي أمركم ولا تمنحكم شهادة الحرية.
نعم، إن الاضطرابات التي حدثت فيما بينكم في صحارى الماضي من جراء ما يحمله كل منكم من حب السيادة والأنانية والفكر الشخصي ستنقلب -بإذن الله- إلى فكر الإيجاد والسعي الدؤوب ومفهوم الحرية. بل أستطيع أن أقول: يا مواطني في الولايات الشرقية: إن مدارسكم الصاخبة أشبه ما تكون بالبرلمان العلمي لكثرة ما فيها من مناقشات بالنسبة للمدارس الهادئة الأخرى.
ثم أنتم شافعيون، فقراءتكم خلف الأمام، وفطرتكم وأصول مدرستكم تدفعكم إلى السعي والمحاولة الشخصية، كما قال تعالى: ﹛﴿ وَاَنْ لَيْسَ لِلْاِنْسَانِ اِلَّا مَا سَعٰى ﴾|﹜ (النجم:٣٩).
ثم إن الجسارة وشرف الأمة الإسلامية وعزتها -وهي أساس كل كمال وحاميه- تأمركم قائلة: مثلما ترقيتم في مضمار الشجاعة المادية بتعلمكم العلوم والمعرفة من كتابات سيوفكم وفتحتم مجرىً من الدماغ إلى القلب مزجاً العقل بالقوة، فافتحوا الآن منفذاً من القلب إلى الفكر، وابعثوا القوة مدداً للعقل، وأرسلوا العواطف ظهيراً للفكر، لئلا تنهب شرف الأمة الإسلامية في ميدان المدنية. اجعلوا سيوفكم من جواهر العلم والصنعة والتساند الذي يأمركم به القرآن الكريم.
§سعيد النورسي>
بأنّ على كل واحد منكم أن يكون مرآة عاكسة للإسلام وحامي ذماره، ومثالاً مشخَّصاً للأمة الإسلامية، إذ الهمة تتعالى بعلو المقصد، والأخلاقُ تتسامى وتتكامل بغليان الحمية الإسلامية.
ثم إن المشروطية المشروعة التي هي سبب من أسباب سعادة البشر الدنيوية نجّت الإرادة الجزئية التي هي القوة الدافعة لماكنة الحياة، من تسلط الاستبداد بضمانها سيادة الأمة. هذه المشروطية التي اختمرت بخميرة الشورى الشرعية تدعوكم إلى الاختبار والامتحان، وتريد أن تراكم أنكم قد بلغتم سن الرشد فلا تحتاجون إلى وصاية، فهيئوا أنفسكم للامتحان. وأثبتوا وجودكم بالاتحاد، وبينوا لها أن فكركم ووجدانكم الشخصيَيْنِ هما كقلب الأمة وعقلها المشترك بالحمية الدينية الملية. وبخلافه ستلغي أمركم ولا تمنحكم شهادة الحرية.
نعم، إن الاضطرابات التي حدثت فيما بينكم في صحارى الماضي من جراء ما يحمله كل منكم من حب السيادة والأنانية والفكر الشخصي ستنقلب -بإذن الله- إلى فكر الإيجاد والسعي الدؤوب ومفهوم الحرية. بل أستطيع أن أقول: يا مواطني في الولايات الشرقية: إن مدارسكم الصاخبة أشبه ما تكون بالبرلمان العلمي لكثرة ما فيها من مناقشات بالنسبة للمدارس الهادئة الأخرى.
ثم أنتم شافعيون، فقراءتكم خلف الأمام، وفطرتكم وأصول مدرستكم تدفعكم إلى السعي والمحاولة الشخصية، كما قال تعالى: ﹛﴿ وَاَنْ لَيْسَ لِلْاِنْسَانِ اِلَّا مَا سَعٰى ﴾|﹜ (النجم:٣٩).
ثم إن الجسارة وشرف الأمة الإسلامية وعزتها -وهي أساس كل كمال وحاميه- تأمركم قائلة: مثلما ترقيتم في مضمار الشجاعة المادية بتعلمكم العلوم والمعرفة من كتابات سيوفكم وفتحتم مجرىً من الدماغ إلى القلب مزجاً العقل بالقوة، فافتحوا الآن منفذاً من القلب إلى الفكر، وابعثوا القوة مدداً للعقل، وأرسلوا العواطف ظهيراً للفكر، لئلا تنهب شرف الأمة الإسلامية في ميدان المدنية. اجعلوا سيوفكم من جواهر العلم والصنعة والتساند الذي يأمركم به القرآن الكريم.
§سعيد النورسي>
Yükleniyor...